أولت وسائل الإعلام المصرية مساحة واسعة لتغطية احتجاجات "السترات الصفراء"، وسط مقارنات مع ثورة 25 يناير2011، ومالت أغلبها لاستخدامها فزاعة لإبعاد شبح أي احتجاجات محتملة في مصر.
واستخدم الإعلام المصري المكتوب والمرئي عبارات وألفاظا تتعمد التخويف من تكرار مشاهد الاحتجاج تلك وأثرها السلبي على البلاد، مستدعيا ثورة 25 يناير للمقارنة، معتبرا الاحتجاجات بوابة لنشر الفوضى.
وفي تناولها للاحتجاجات الفرنسية هيمنت على عناوين التغطية الصحفية بمصر مفردات مثل الفوضى والدمار والسلب والتخريب والمواجهات والخسائر، وعنونت صحيفة "أخبار اليوم المملوكة للدولة "اجتماع بالإليزيه لبحث فرض الطوارئ لمواجهة الفوضى"، مشيرة إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يزور قوس النصر لتفقد حجم الدمار الناجم عن الشغب.
أما صحيفة الأهرام المملوكة للدولة أيضا فقد عنونت "الحكومة الفرنسية تعتزم التفاوض مع المحتجين" و"ارحل تستقبل ماكرون"، بينما كان العنوان الرئيسي لصحيفة اليوم السابع الخاصة "تراجع في حجوزات السياح.. أعمال السلب والتخريب تتزايد.. فرنسا ترجع إلى الخلف".
وعنونت صحيفة "الشروق" الخاصة بـ"السياح مذهولون من الفوضى والدخان والسيارات المحترقة في مدينة النور" و"سائحة برازيلية: نشعر بالقلق ولا نعرف ما إذا كنا بأمان أم لا وأخرى أميركية: الفوضى مخيفة".
أما صحيفة "المصري اليوم" الخاصة فجاء في عناوينها "وزير الداخلية الفرنسي يلوح بفرض الطوارئ بعد تفشي أعمال العنف والتخريب".
وفي برنامجه المتلفز مساء الاثنين وجه الإعلامي المصري المؤيد للنظام أحمد موسى لوما للشرطة بسبب اعتداءاتها ضد المحتجين، بعد حلقات متلفزة سابقة تحدث فيه عن حجم الدمار في فرنسا على يد مخربين.
كما حذر الإعلامي المؤيد للنظام محمد الباز في برنامجه المتلفز الأحد من التخريب والتدمير الذي يحدث في احتجاجات فرنسا، واستدعى في هذا الصدد أحداثا وقعت إبان ثورة 25 يناير بمصر، مثل حرق المجمع العلمي بالقاهرة، وشبه الشباب الفرنسي بنظيره المصري إبان الثورة.
في السياق خرجت تغطيات إعلامية تتهم جماعة الإخوان المسلمين بأنها تقف وراء تلك المظاهرات.
توظيف وتخويف
وتعليقا على تلك الحالة يقول الأكاديمي صفوت العالم المتخصص في الإعلام السياسي والرأي العام "إن تعامل وسائل الإعلام تفاوت مع تغطية الأحداث، عن طريق محاكاة الأسلوب الإعلامي الذي كان متبعا آنذاك في تغطية ثورة 25 يناير من حيث الأوصاف والإسقاط والانتقاد للتجاوزات الرسمية".
ويوضح العالم -الذي ترأس سابقا لجنة لتقييم الأداء الإعلامي الحكومي في مصر- أن هذا "أسلوب إعلامي دولي يبحث فقط عن مصالحه ويحدد أجندته وأولوياته وفقا لهذا".
من جهته يرى الأكاديمي المتخصص في علم الاجتماع السياسي سعيد صادق أن التوجه الإعلامي في أحداث باريس "يستخدم ألفاظ تخويف ويكررها لإبعاد المصريين عن التقليد في ظل الغلاء بمصر، لذلك نرى ألفاظا مثل فوضى، وتراجع السياحة، وتدمير وتشويه المتظاهرين، لأنه من ناحية أخرى سيساعد ذلك على تأكيد شرعية النظام المصري ويرجح كفة الاستقرار".
كما يشير صادق إلى "لجوء وسائل إعلام إلى توجيه اللوم للسلطات الفرنسية، كأنه عقاب وشماتة من الدول الغربية التي شجعت ثورات الربيع العربي التي انطلقت أواخر 2010".
وعن مستقبل ذلك يرى صادق أن الإعلام بمصر "يسيطر على الرأي العام بشكل كبير، والمصريون ليس لديهم توجه للثورة، والاحتجاجات باتت لا تزيد المصريين إلا قلقا في ظل واقع الغلاء". منبها إلى أن الإعلام أداة من أدوات أي نظام سياسي، وبالتالي يسعى لتثبيت أركانه بشكل يخدم توجهاته.
لا توجد تعليقات في هذه الصفحة.. كن أنت أول المتفاعلين!