ما إن نكاد ننسى أحد تجاوزات وتعسفات المخزن من اعتقال لنشطاء حراك الريف وجرادة، إعفاءات أطر الجماعة، الأساتذة المرسبين، الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، زيادة الساعة الإضافية، محاكمة بوعشرين، إحياء قضية محيي الدين.. وغيرها من الإنتهاكات المخزية التي يرتكبها المخزن في حق خيرة أبناء هذا الوطن.
حتى نستيقظ على قضية جديدة أحياها المخزن من جديد، ألا وهي تشميع بيوت أعضاء جماعة العدل والإحسان ابتداءا من بيت الدكتور "لطفي الحساني" في مدينة وجدة، و مؤخرا بتشميع 3 بيوت أخرى في كل من القنيطرة و أكادير و الدار البيضاء في خرق سافر لأبرز حقوق الإنسان، ألا و هو الحق في السكن.
حيث أن هذا الأسلوب في التضييق قد مورس سابقا على الأمين العام للجماعة "محمد العبادي" الذي كان يفتح بيته للعامة والخاصة للتعبد والحديث في أصول الدين وفروعه، وهو مازال مشمعا إلى حد الآن، ليتم تجديد الثقة في هذا الأسلوب المخزي في الحصار على أعضاء العدل والإحسان باعتبارها أكبر تنظيم إسلامي وسياسي في المغرب، ومن إبرز المعارضين للنظام.
هذا الأسلوب القديم الجديد يدخل ضمن إنجازات المخزن الكثيرة والمتراكمة في مجال حقوق الإنسان التي نسمع عنها فقط في القمم والإتفاقيات "المناسباتية" التي يشارك فيها المغرب، الشيء الذي يطرح التساؤل عن مدى نجاعة المؤسسات المعنية برصد مثل هذه الإنتهاكات والوقوف عندها، "المجلس الوطني لحقوق الإنسان" لكن استحضارنا لهذا الأخير يجعلنا نتذكر أنه جزء من المؤسسات الدستورية التي يعين أغلب أعضاؤه من طرف "الملك" و "رئيس الحكومة"، مما يجعله تابعا وخاضعا لسلطة المعين مع (كسر الياء)، في غياب شبه كامل لمبدأ التشاركية في هذا المجلس.
أما إذا استحضرنا وزارة الرميد "لحقوق الإنسان"، فنحن نتكلم عن نموذج مثالي للمؤسسة الصورية في المغرب التي لا حول لها و لا قوة، ولا تسمن ولا تغني من جوع، بغض النظر عن الخطابات الرنانة التي تقبع رائحتها بالعطر الزهيد الثمن الذي أصبح يعرفه حتى المواطنون قليلي الإطلاع.
للإشارة فإن تشميع بيت الدكتور لطفي الحساني بتهم واهية "غياب ترخيص للبناء ! " "تصميم البيت غير قانوني من الداخل !" "ممارسة طقوس دينية ! ".
نعم يا سادة لقد أصبحنا في بلد تجاوزنا فيه جميع القضايا الأساسية والمحورية في المجتمع ( التعليم، الصحة، الثروة، السكن، الشغل..) و تجاوزنا كذلك مشكل الفساد والسلطوية والرشوة والمحسوبية، لننتقل إلى دقائق الأمور، ونراقب تصميم كل بيت على حدة، ومدى ملائمته مع القانون، حرصا منا على سلامة مواطنينا وأبنائهم وبناتهم.
نعم يا سادة إننا في وطن تجاوزنا فيه صعوبات العيش وغلاء الأسعار وخوصصة التعليم والعنف المدرسي والأسري، ومعاناة المواطنين، لنتطرق إلى مراقبة بيوت الناس ومايقومون به من عبادات وصلوات ومجالس يذكر فيها الله ويرفع فيها اسمه، في بلد يسمى ببلد إسلامي ويحكمه أمير المؤمنين.
تجاوزات بالجملة تمر في كل يوم وفي كل أسبوع : تفويت أراضي بأثمنة رمزية، اختلاسات للمال العام، فساد ورشاوي في الظاهر والباطن، عنف وجور وقتل في حق الأبرياء "محسن فكري.."، لكن الدولة في غنى عن كل هذا، فهي مشتغلة بتدوينة الصحفي سعيد بوغالب وبن مسعود، وبتصريح النقيب زيان، وبأغنية رشيد غلام.
مما يطرح التساؤل، هل نحن أمام دولة أم أمام عصابة تراقب دقائق المعارضة بحذافرها، و تترك الفساد المتغلغل بلوبياته وسرطاناته، كمن يراقب عمل النملة التي تقتات على حبة ذرة، ويتجاهل الفيل الذي يأكل بكل حرية عشرات الكيلوغرامات من العشب بدون قيد أو شرط ! نعم ياسادة، مادمت في المغرب فلا تستغرب...
لا توجد تعليقات في هذه الصفحة.. كن أنت أول المتفاعلين!