إن مشاهدة فيلم و ثائقي حول عالم الحيوانات يؤكد أن الفيل وغيره من الحيوانات الضخمة كان أكثر من مرة لعبة ، و ضحية سهلة بين يدي حيوانات أصغر وأضعف منه ، ولكنها أسرع منه وأقدر على الحركة والقفز!
في عالم السياسة المعاصرة وجود كتلة بشرية كبيرة لم يعد كافيا لكسب المعركة ، بل ربما أضحى عائقا ، لأن معنى القوة ، ومعنى النصر، ومعنى الهزيمة أيضا قد تغير، وكذا وسائل الحرب .
أقصد بهذا الكلام إلى ضرورة التركيز على الجدوى والفاعلية ، بدل الإهتمام و الإعتماد على الحجم ، طولا أو عرضا . فهناك دول صغيرة الحجم ، قليلة الإمكانيات ، الطبيعية ، و البشرية ، ولكنها بفعل إدراكها لقواعد اللعبة الإقتصادية ، والسياسية ، وقبل ذلك توفر الإرادة السياسية لديها أصبحت رقما كبيرا على الساحة الدولية ، سنغافورة نموذج رائد في هذا الصدد ، ويمكن أن نضيف إليها أمثلة أخرى كقطر وغيرها .
وعلى مستوى الأحزاب السياسية هناك أحزاب و حركات صغيرة لا تفوز في الغالب بمقاعد كثيرة في الإنتخابات ، مثل حزب الخضر في أوربا وغيرها ، ورغم ذلك فرضت على جميع حكومات العالم أجندتها البيئية ، وكذلك حزب الشاي الأمريكي الصغير جدا ، لكن النشيط جدا أيضا ، حيث يفرض أجندته الأيديولوجية اليمينية الأصولية على الحزب الجمهوري .
أما في ساحتنا المغربية فلايخفى الحجم الصغير لبعض أحزاب اليسار ، مثل النهج و الطليعة ، لكنهم لايقلون فاعلية ونشاطا عن غيرهم الذين يملكون كتلة بشرية كبيرة من الذين يحرصون على الإصطفاف والتنسيق معهم في عدة ميادين حقوقية وسياسية .
إنها دعوة إلى النباهة السياسية التي تخرجنا من الشكوى العاجزة إلى الوعود الناجزة ، ولا يكون ذلك إلا إذا تعلمنا من أين تؤكل الكتف ، تؤكل الكتف السياسية بامتلاك رؤية غائية ، لكن يجب تحيينها بشكل دائم عن طريق صناعة خطاب عضوي ( بالمعنى الگرامشي ) ، محلي ، و واقعي قبل كل شيئ ، وبامتلاك نصيب وافر من خصلة التواضع التي تؤهلنا لإنصاف الآخرين ، والتعلم منهم ، فقبل أن نكون أساتذة للعالم ينبغي أن نكون تلامذة نجباء كما قال الأستاذ ياسين رحمه الله في كتابه الواعد والمبشر "الإسلام غدا " .
لا توجد تعليقات في هذه الصفحة.. كن أنت أول المتفاعلين!