د. امينة مدرك
أحاول في هذا المقال أن أشرح أمرا أراه مفيدا اولا ؛ ولكونه يشرح موضوعا عصريا تم تناوله بكثير من اللغط والغموض دون ان يكون مفهوما بكامل الدقة.
الموضوع علمي محض؛ ولكنني هنا سأبسطه بصيفة أدبية حتى يصل الى شرائح مجتمعية أدبية التكوين؛ وفي نفس الوقت يشرح لنا نحن العرب بعضا؛ من ملفات يتم تناولها بغباء او بتفسيرات مبهمة ومضحكة.
موضوعي اليوم عن اشكالية هواتف Huawei ومشكلتها مع البيت الابيض وترامب وغوغل و شركات الاتصالات ...الخ، فيما يصطلح عليه بالحرب الاقتصادية الامريكية على هواوي.
التوضيح الاول انه عندما تناول العرب -نقلا عن ترامب/نقلا عن تمويه استخباراتي عالمي- ان هواتف هواوي بها سيستم تجسس؛ هو شيء مضحك تماما وكأن كل سيستم الاندرويد لا يقوم بهذا!؟
اذا كان يقصد بالتجسس الدخول في خصوصيتنا ؛فان كل ما اسمه سمارتفون يدخل في خصوصيتنا من الالف الى الياء؛ ويعرف كل شيء حتى ان غوغل يعرف اين كنت بالامس ونوع البيتزا التي اكلتها ويحتفظ بالصور التي مسحتها وهذا امر مفروغ منه ولا يخفى على احد.
●ولكن التجسس الذي تمت إدانة هواوي لأجله هو هذا: ?
● دفعة هواتف هواوي المفترضة ان تسوق في هذا الخريف ومطلع 2020 بها تطبيقات مجانية يا سادتي لا نقول تتجسس ؛وانما تجسست وانتهت وفضحت ووضعت هذه المعلومات مجانا لزبنائها.!!
كيف؟
●سواء من باب الكرم او من باب الإغراء او من باب ذكاء التسويق او تأليف القلوب؛ الشركة الصينية -النزيهة في نظري- تضع تحت تصرف العالم والأجيال القادمة المعلومة مجانا.!! وما هي هذه المعلومة؟ انها المعلومة العلمية الأكاديمية البحثة !!
اي ان ما توصلت له البشرية اليوم من علوم تهديها لك شركة هواوي مجانا كأرضية ترتكز عليها ثم انطلق انت في الاجتهاد لاجل حاضر و مستقبل افضل ... بكلام اخر ما تضعه وايكيبيديا وعدة مواقع غوغلية ؛من معلومات مفيدة ومغلوطة احيانا وشحيحة في كل الاحيان؛ تضعه شركة هواوي بكرم وسخاء زائدين.
كيف؟
■هواوي يا سادتي مثلا تضع لك اكثر من 30مليون تصميم ملابس ان كنت من دارسي الديزاين والموضة واغلبها مقتبسة من دور الازياء الكبيرة مثل Burberry وغيرها..
هواوي تعطيك مجانا كيف تصمم سيارة... كيف تصلح شاحنة تعطلت.. مماذا تتكون الباخرة ... كيف تصنع التشيزكيك بطريقة الشيف . ومماذا يتكون هذا الدواء ولو صنع في اوكلاهوما. دعك صديقي من وجبة او وصفة على غوغل او يوتيوب. وانما هو الدرس الذي تبعث ابنك لاجله الى لندن او باريس او منهاتن ليتعلم علوم الديزاين او فنون الماستر شيف او هندسة الميكانيكا أو كيف يصنع باخرة..
■ الكورس الذي تدفع لاجله آلاف الدولارات؛ لك او لابنك يفترض ان تقدمة لك شركة هواوي مجانا في دفعاتها الجديدة؛ وهو شيء ليس بفريب على بلد التنين المعطاء؛ وقد لاحظنا ذلك عندما كسرت شركة Alibaba الطوطم واعطتك كل شركات التصدير والاستيراد عبر العالم ومصنعي المنتجات مجانا وضعت تحت ايدينا ال databases التي تسير العالم في معرض رقمي وشوروم الكتروني عملاق وكله مجانا؛ وبعثت بمواقع الابتزاز الى الجحيم.
اذن هذا تفسير طفيف على عملية التجسس وهنا نصحح: هي لم تتجسس ولن تتجسس وانما وضعت تحت ايدي العالم المعلومة الجاهزة مجانا وبعثت بشركات الابتزاز والcourses on line المسبقة الدفع؛ الى الجحيم .
اهذاف هواوي لو نزيهة لو تتوخى ربحا خاصا هو بأي حال يخدم البشرية بإرجاع بعض الحق من هنا واخذه من هنا. ربما هو ينصف الفقير ويجحف الغني... قد يعجبك او يضيرك حسب مصالحك ولكن بكل حال به ثورة على الرأسمالية الغربية وفي نفس الوقت تهمته انه يهيء لرأسمالية صينية وهيمنة لتنين اكبر واكثر. وهذا هو السوط الذي حمله دونالد ترامب ليحرض به أنصاره ضد الصين .
الصين بدورها لا تنكر ولا تنفي وفي نفس الوقت تصرح بلهجة ذكية عن دخولها في التحدي دون إساءة للأدب.
لماذا؟
● لانها تترك لنفسها طريق الرجعة والصلح.
لماذا ؟
لان حلفاءها باوروبا وامريكا وباقي بقاع الأرض استراتيجيون ويغطون 29% من مبيعاتها. وكونها تواجه معضلة اخرى. وهذه المعضلة هي متفلبة عليها في بلدها ولكن ليس في بلاد الفرب..?
الدخول في الرهان والتحدي مع البيت الأبيض وغوغل و آبل وغيره معناه انك يجب ان تخلق لنفسك مجرة موازية لتلك التي يبحر فيها غوغل وسيستم الاندرويد عموما...
لاحظوا معي قلت مَجرَّة او لِنقلْ محيطا لأن عالم الهواتف اليوم ليس معناه انك تملك دفترا الكترونيا يحتوي على معلومات تنتهي بداخله ؛ وانما انت تسبح في بحر.. والهاتف ليس الا مجرد زورق تستطيع ان تفيره او تقفز من واحد لاخر في اي وقت: لاحظ انك تستطيع ان تهاجر من هاتف لهاتف، بفض النظر هل هو LG او نوكيا او سامسونغ او آيفون أو او او؛ دون المساس بصورك ومعلوماتك وايميلك وارقام معارفك؛ بحيث انه في رمشة عين تقوم بنقل اغراضك من زورق لزورق؛ وبحيث انك تجد صورك عند غوغل و الكونتاكت عنده او عند مايكروسوفت و تسترجع كل شيء. او كأن تفتح إيميلك من كل هواتفك وحواسيبك.. اذن انت هنا لديك ملكية في هذا البحر وليس في الشاشة التي بيدك. .حتى هذا الفايسبوك مثلا فهو ليس متعلقا بهاتف معين وانما بملكيتك لدومين عند السيد غوغل.
الاشكالية التي تواجه هواوي ؛ اذن ليست هي الزوارق او اليخوت التي يمتلكها ؛ وانما انه يتوجب عليه ان يأتي بمحيط موازي لمحيط غوغل!! .
او لنقل إذا اقتنيت هاتف هواوي وهو الزورق في حالتنا، فاين ستبحر به إذا كان غوغل يمنعك من المرور بمياهه.!؟
اي انه فوق عالم النت والابحار يتوجب على الصين ان تجد دومينيو يخصها ؛ وهذا ليس بصعب على التنين الصامت، لانه اصلا يتواجد عندها .
ولأن الصين -مسبقا -لا تستعمل الفايس والوتساب وغوغل -مابس والايميل والجيميل وغيره ؛بل لها كيانها مسبقا.
مشكلتها اذن تواجهها عند تحليقها في الفضاءات الأخرى.
ومع ذلك هي ردت بتحفظ ودهاء : أنه اذا امتلك غوغل محيطا فإن لديها هي مجرة عليا او لنقل بحر موازي في السماء. ..
والدومينو الخاص به هو: Caijing.com
ويمكن لمستعملي هواوي استعماله بنفس قوة الهوتميل والياهو وغيره. وهنا زورقك الهواوي بدل ان يبحر سيحلق.
وحتى هنا ومرة اخرى يبقى الاشكال هل ستسمح امريكا او لنقل غوغل للتنين بالتحليق في سمائه الخاصة مرورا بالأجواء التي تغطي محيطه الخاص .!!؟؟ وهل يمكن لمستعملي هاتف هواوي ان تكون لهم طائرة غواصة!؟؟بان يحلقوا في سماء caijing ويغرفوا من ثروات غوغل والفايسيوك والواتساب كنماذج؟
في هذه النقطة يبقى حليف الشركة الصينية؛ للدفاع عنها والسماح لها بالمرور هم شركات الاتصالات وعدة شركات غربية وعالمية تعتمد على خدمات هواوي كحل مريح لزبنائها...
هنا بقي رهان هواوي والبيت الابيض وغوغل والقبضة الحديدية مبسوطة بشيء من المراوغة مرة والسلاسة مرة والدبلوماسية و المناورة وكله مجتمع: بين لهجات تحتد وتحتدم مرة ثم تلين مرة كأي شركاء لديهم عدة مصالح مشتركة وفي نفس الوقت قررا الانفصال.
هواوي تقول ما قد نخسره في التعامل مع الشركات الغربية سنعوضه مع الاطفال في بيع لعب الاطفال في المستقبل و الصين أهدافها للمستقبل وليس للحاضر لانها في الحاضر حققت الطفرة و لا تهتم. حتى ان احد مديري تسويق هواوي قال اذا لم نبع الف تطبيق لعمال شركة فسنبيع الف تطبيق لعب ذكية لاطفال مدرسة؛ والمربح افضل... وانك اذا اهديت طفلا اليوم هاتفا به لعبة تكسب معه اكثر مما تكسبه مع مدير شركة .
بعد هذا كله وبين تحرشات ترامب التي ترى فيها الصين نوعا من الغباء؛ وتصرح ان اعصابها باردة لانها متأكدة ان الهدنة ستأتي لا محالة ؛ والصلح لا بد ان يكون ؛
يأتي التفسير وراء هذا البرود لان تصريح التنين الأب والذي هو دولة الصين العظمى ليقول لهواوي:
اطمئني ولا تهتمي: إذا تمادى ترامب في غيه وغبائه فسنمنع عنه : شرائح الاندرويد والشاشات البلورية و و و و وكل مكونات الايفون خصوصا وان كوريا وعدت الصين انها ستحالفها ولن تزود شركة ماساتشوسيت بكثير من قطع الغيار...
انتهى هذا المقال اليوم اصدقائي واعلم ان هناك كثيرا من التفاصيل الاخرى.
واتمنى ان يكون هذا الملخص شرح بسيط يرفع اللبس و الغموض الذي يكتنف الحروب الباردة التي يعرفها العصر اليوم.
لا توجد تعليقات في هذه الصفحة.. كن أنت أول المتفاعلين!