الدوحة في 30 مايو /قنا/
يواجه مجلس الأمن الدولي اختبارا جديدا هذا الأسبوع أثناء مناقشاته لمشروع قرار طرحته الجزائر، يطالب بوقف إطلاق النار في قطاع غزة والإفراج عن جميع الرهائن، ويأمر الكيان الإسرائيلي بشكل أساسي بالوقف الفوري لهجومه العسكري في رفح.
وقال مندوب الجزائر لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع، عقب جلسة مشاورات مغلقة لمجلس الأمن الدولي أمس الأول، إن الهدف من مشروع القرار هو "وقف القتل في رفح".
ويستخدم نص مشروع القرار الجزائري أقوى لغة في مجلس الأمن، إذ يقرر أن على الكيان الإسرائيلي، السلطة القائمة بالاحتلال، أن يوقف على الفور هجومه العسكري وأي تحرك آخر في رفح، كما يستشهد بالحكم الذي أصدرته محكمة العدل الدولية الأسبوع الماضي، والذي أمر الكيان الإسرائيلي بوقف هجومه العسكري على رفح على الفور في حكم طارئ تاريخي في قضية رفعتها جنوب إفريقيا وتتهم الكيان الإسرائيلي بارتكاب إبادة جماعية.
ولم يحدد المندوب الجزائري لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع، الموعد الذي يأمل فيه طرح مشروع القرار على التصويت، لكن السفير الصيني لدى الأمم المتحدة أعرب عن أمله بأن يتم التصويت في أقرب وقت ممكن، لأن هناك أرواحا على المحك، معربا عن أمله في إجراء تصويت في وقت مبكر من هذا الأسبوع، أما المندوب الفرنسي نيكولا دو ريفيير فقد صرح بأن الوقت قد حان لهذا المجلس للتحرك واعتماد قرار جديد، مشددا أيضا على أنها "مسألة حياة أو موت".
وألقت الولايات المتحدة بظلال من الشك حول فرص نجاح مشروع القرار الجزائري، وقالت على لسان روبرت وود نائب السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة للصحفيين: إن واشنطن تراجع مشروع القرار لكن من غير المرجح أن يفيد تحرك للأمم المتحدة الوضع على الأرض أو يغيره، وفي حديث له أمام جلسة مفتوحة لمجلس الأمن أمس الأربعاء، أوضح وود أنه يتعين على الكيان الإسرائيلي بذل جهود أكبر لحماية المدنيين الفلسطينيين في غزة ويتعين عليه إزالة جميع العراقيل أمام تدفق المساعدات على نطاق واسع عبر جميع المعابر والطرق إلى قطاع غزة.
ويحتاج قرار المجلس إلى موافقة تسعة أصوات على الأقل وعدم استخدام الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا أو روسيا أو الصين حق النقض (الفيتو).
وكانت الولايات المتحدة وهي الداعم الرئيسي للكيان الإسرائيلي في حربه على غزة، قد استخدمت حق النقض (الفيتو) عدة مرات لعرقلة قرارات تطالب بوقف إطلاق النار، ثم امتنعت عن التصويت على قرار أخير تم طرحه في نهاية مارس الماضي، وهو ما مكن المجلس من اعتماده، لكن الكيان الإسرائيلي يواصل عدوانه الوحشي على قطاع غزة رغم ذلك القرار، كما يتحدى قرار محكمة العدل الدولية الصادر يوم الجمعة الماضي، والذي أمره بوقف الهجوم على رفح فورا.
ويقول المراقبون: إن الكرة باتت في ملعب الرئيس الأمريكي جو بايدن وأنه هو من سيحدد مصير مشروع القرار الجزائري، مضيفين "أن خطوط بايدن الحمراء بشأن الهجوم الإسرائيلي على رفح، تبدلت مرة تلو الأخرى، لكنه يواجه ضغوطا متزايدة لتشديد موقفه بعد الضربة التي استهدفت مخيما للنازحين في المدنية، أسفرت وفق تقارير دولية عن مصرع مائتي شخص من النساء والأطفال".
ورغم التنديد الدولي بالهجوم، فقد شدد البيت الأبيض على اعتقاده بأن الكيان الإسرائيلي أطلق العملية واسعة النطاق التي سبق للرئيس الأمريكي جو بايدن التحذير منها.. لكن الرئيس الأمريكي يواجه معضلة تحقيق توازن بين إرضاء الداخل والمجتمع الدولي في آن بشأن غزة، لا سيما في عام يجد الديمقراطي البالغ 81 عاما نفسه عالقا فيه في معركة انتخابية مع منافسه دونالد ترامب.
ويضيف المراقبون أن الرئيس بايدن يرغب بأن يبدو صارما بشأن رفح وحاول حقا بأن يكون حازما مع رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، لكن في عام سيشهد انتخابات رئاسية، فإن خطوطه الحمراء تزداد غموضا، وربما يواصل تبديل هذه الخطوط عبر المناورة بناء على التطورات الميدانية.
وقال الرئيس بايدن في وقت سابق هذا الشهر: إنه لن يزود الكيان الإسرائيلي بالأسلحة لعملية عسكرية كبيرة في رفح وجمد شحنة قنابل، لكنه لم يقم بأي تحرك منذ ذلك الوقت رغم تكثيف الكيان الإسرائيلي هجماته الجوية وتقدم دباباته إلى وسط رفح.
وعندما انهالت الأسئلة يوم الثلاثاء الماضي على المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي بشأن الضربة الإسرائيلية على مخيمات النازحين في رفح، رد كيربي بأن سقوط القتلى أمر "يفطر القلب" و"مروع"، لكنه شدد على أن واشنطن لن تغير سياستها تجاه الكيان الإسرائيلي.
في الوقت نفسه، عبر نحو 50 خبيرا أمميا في مجال حقوق الإنسان عن غضبهم إزاء الغارات الجوية الإسرائيلية على مخيمات النازحين في رفح، وطالبوا في بيان باتخاذ إجراء دولي حاسم لوقف إراقة الدماء في غزة. وأضافوا أن التقارير الواردة من الأرض تشير إلى أن الضربات كانت عشوائية وغير متناسبة، حيث حوصر الناس داخل خيام بلاستيكية مشتعلة، مما أدى إلى حصيلة مروعة من الضحايا.
وأشار الخبراء الأمميون المستقلون إلى أن الاستهداف المتهور للمواقع التي يعرف أنها تؤوي فلسطينيين نازحين، بمن فيهم النساء والأطفال والأشخاص ذوو الإعاقة وكبار السن، الذين يلتمسون اللجوء، يشكل انتهاكا خطيرا لقوانين الحرب وتذكيرا قاتما بالحاجة الملحة إلى التحرك الدولي والمساءلة، وشدد الخبراء على أن أوامر محكمة العدل الدولية - مثل تلك الصادرة في 24 مايو 2024 لإسرائيل – ملزمة، وأكدوا ضرورة امتثال الكيان الإسرائيلي لهذه الأوامر، وذكروا أن الكيان الإسرائيلي تمتع بالإفلات من العقاب على جرائمه ضد الشعب الفلسطيني لعقود من الزمن، وعلى هجومه الوحشي على شعب غزة خلال الأشهر الثمانية الماضية.
وشدد الخبراء الأمميون على ضرورة أن يتوقف تدفق الأسلحة إلى الكيان الإسرائيلي على الفور، وطالبوا بوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة دون عوائق ووضع حد للحصار والقيود المفروضة على إيصال المساعدات المنقذة لحياة المدنيين في القطاع المحاصر.
لا توجد تعليقات في هذه الصفحة.. كن أنت أول المتفاعلين!