عبر المصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، عن موقفه من قضية إلغاء عقوبة الإعدام، معتبرا أن الحق في الحياة هو أسمى حقوق الإنسان، ومشيرا إلى أن إلغاء هذه العقوبة في المغرب ليسَ محلّ إجماع.
وقال الرميد، في مداخلة محينة سبق أن قدّمها في ندوات حقوقية، أعاد نشرها أمس الثلاثاء 15 شتنبر الجاري، على صفحته على “الفايسبوك”، إن “هذا النقاش الدائر حول عقوبة الإعدام يرتبط بمفهوم أساسي من مفاهيم حقوق الإنسان ألا وهو الحق في الحياة”
وأضاف الرميد إن ” الحق في الحياة يشكل أسمى الحقوق، إذ لا يمكن بدونه التمتع بأي حقوق أخرى، ويعتبر الحق في الحياة وفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان حقا أساسيا، لا يجوز معه الحكم بالإعدام إلا مع احتياطات تتعلق بالجرائم الخطيرة وشروط ترتبط بالضمانات الضرورية للمحاكمة العادلة.
واسترسل، “يلاحظ أن عدة اتفاقيات دولية وإقليمية وإن كانت قد نصت على مبدأ الحق في الحياة فإنها مع ذلك لم تجعل من عقوبة الإعدام مناقضة لهذا الحق، بل وجعلته مقيدا ببعض الشروط والضوابط، ويبدو ذلك جليا من خلال تنصيص المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في فقرتها الأولى على أن:” الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان وعلى القانون أن يحمي هذا الحق ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفا”.
فبعد النص على الحماية العامة للحق في الحياة في الفقرة الأولى جاءت الفقرة الثانية من نفس المادة لتوضح شروط فرض عقوبة الإعدام: “لا يجوز في البلدان التي لم تلغ عقوبة الإعدام أن يحكم بهذه العقوبة إلا جزاء على أشد الجرائم خطورة وفقا للتشريع النافذ وقت ارتكاب الجريمة وغير المخالف لأحكام هذا العهد…”، يضيف الرميد.
وهو التفسير الذي ذهبت إليه اللجنة المعنية حقوق الإنسان في تعليقها العام رقم 6 على المادة المشار إليها أعلاه المتعلقة بالحق في الحياة: “مع أنه يستنتج من المادة 6-2 و 6-6 أن الدول الأطراف ليست ملزمة بإلغاء عقوبة الإعدام إلغاء تاما، فإنها ملزمة بالحد من استخدامها، ولا سيما بإلغاء الحكم بها إلا في حالة ارتكاب “أشد الجرائم خطورة” لذلك ينبغي لها أن تفكر في إعادة النظر في قوانينها الجنائية في ضوء ما سبق، وهي ملزمة، على أية حال، بقصر تطبيق عقوبة الإعدام على “أشد الجرائم خطورة”. وقد فسرت اللجنة لاحقا الجرائم أشد خطورة على أنها الجرائم ” المتعمدة التي تسفر عن نتائج مميتة أو نتائج أخرى بالغة الخطورة”.
أردف المحامي الذي لم يُبْد موقفا واضحا من عقوبة الإعدام، أن المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القانون أو بإجراءات موجزة او الإعدام التعسفي، اعتبر أنه ينبغي أن تعتبر لفظة “المتعمدة” معادلة لسبق الإصرار وينبغي أن تفهم على أنها نية القتل المتعمد.
نفس الاتجاه ذهبت إليه الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية إذ نصت في المادة 2 منها المتعلقة بالحق في الحياة على أن “القانون يحمي حق كل إنسان في الحياة. ولا يجوز إعدام أي إنسان عمدا إلا تنفيذا لحكم قضائي بإدانته في جريمة يقضي فيها القانون بتوقيع هذه العقوبة”.
كما تبنت الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان في مادتها الرابعة نفس التوجه من خلال تنصيصها على أنه “لا يجوز في البلدان التي لم تلغ عقوبة الإعدام أن توقع هذه العقوبة إلا على أشد الجرائم خطورة وبموجب حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة ووفقا لقانون ينص على تلك العقوبة، ويكون نافذا قبل ارتكاب الجريمة”.
ويظهر مما سبق أن عقوبة الإعدام لم تحظر في الاتفاقيات الأساسية للقانون الدولي لحقوق الإنسان، غير أنه تم التأكيد في حالة عدم الإلغاء على وضع ضوابط وشروط لتطبيقها، لكن هذا لم يمنع أجهزة وهيئات الأمم المتحدة العاملة في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك مجلس الأمن واللجنة المعنية بحقوق الإنسان والجمعية العامة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، من التعبير بوضوح عن الرغبة في إلغائها في قرارات ومناسبات مختلفة، وهو ما يمكن اعتباره تحولا تدريجيا داخل الأمم المتحدة يشجع على إلغاء هذه العقوبة.
وقد تجلى هذا التوجه في اعتماد برتوكولات محلقة بهذه الاتفاقيات كما الشأن بالنسبة للبروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في 15 دجنبر 1989. وهو الخيار الذي سلكه أيضا النظام الأوربي لحقوق الإنسان حيث اعتمد البروتوكول الإضافي رقم 13 الملحق بهذه الاتفاقية في سنة 2002 والذي نص على إلغاء هذه العقوبة في جميع الظروف بعدما كان البرتوكول رقم 6 الملحق بالاتفاقية المذكورة المعتمد سنة 1983 ينص على إلغاء هذه العقوبة في وقت السلم ويجيز تطبيقها في وقت الحرب أو في حالة خطر الحرب المحدق.
لا توجد تعليقات في هذه الصفحة.. كن أنت أول المتفاعلين!