"اتفاقية الحماية": الحاكم إماراتي و"الكارضكور" إسرائيلي فمن التالي؟

الحرية تي في - الحرية تي في آخر تحديث : 25‏/8‏/2020 03:15

 

20190619_110549.png (296 KB)

محمد الشمسي

دخلت الإمارات العربية المتحدة برجلها إلى شبكة الكهف الصهيوني الذي لا يدخله إلا هالك، وقدمت الدولة الفتية نفسها قربانا وبالمجان ل"للوحش الإسرائيلي".
قضى العرب 72 سنة في محاولات يائسة لتحرير فلسطين، خاضوا فيها مجتمعين حروبا انتهت كلها بهزائمهم، أكد التاريخ أن بعضهم كان يحارب نفسه وإخوته فيها ولا يحارب العدو الصهيوني، فأثبت العرب قاعدة فيزيائية أنهم الأمة الوحيدة التي إذا اتحد أهلها اندحروا دفعة واحدة لا ينافسهم في ذلك سوى "أمة الذباب"، كبرت إسرائيل واشتد ساعدها، وتوشك فلسطين أن تزول معالمها من الخريطة، و في السنة 73 يفقد العرب قطرا عربيا ثانيا، يفر من قطيعهم بعد التغرير به ويرمي بنفسه في الحوض الإسرائيلي ويغوص حتى القاع ، وبلا لباس البحر الكاشفة حتى.
الإمارات العربية المتحدة من أصغر و أغنى الدول في العالم، سكانها المليون تائهون وسط التسعة ملايين من الأجانب الذين يستوطنونها، قد تعيش في دولة الإمارات مدة طويلة ولا تصادف"ابن البلد" إلا لماما، لا يمثل الإماراتيون في وطنهم سوى 10 في المائة، واستطاع النظام الحاكم بفضل الثروات البترولية أن يجعل من المليون إماراتي ثاني أكبر قوة شرائية للفرد في العالم، ومن يعيش كل هذا البذخ ليس لديه الوقت أو الحاجة للبحث عن عقاقير الديمقراطية ووصفات حقوق الإنسان، فهو منشغل عن الحق في التعبير والحق في المشاركة السياسية ب"الشوبينغ" وتقليب ألبوم بطائق المصارف البنكية، والرحلات صوب مختلف بقاع الكرة الأرضية، وقد قامت الأجهزة البوليسية والمخابراتية المستوردة من الخارج والتابعة للنظام بتقطيع خيوط "الشبكة العنكبوتية" ووضع كل أزرار الهواتف ومعها الأنفاس تحت المجهر.
لا يستقيم تحليل يقول أن منح الإمارات نفسها بنفسها للعدو الصهيوني هو خطوة استراتيجية قد تجني منها الإمارات منفعة، لأن الخيرات المالية تفيض على الإمارات السبع من باطن الأرض، كما لا يستقيم القول أن الإمارات تحتمي بإسرائيل خوفا من "البعبع الإيراني"، لأن الإمارات جارة لإيران ولا يفصل بينهما سوى حوض الخليج وهي زبونها الأول تجاريا، ولأن في الإمارات قواعد عسكرية أمريكية وبريطانية وفرنسية لحماية مصالح شركاتها الكبرى التي تستثمر أموالا كبيرة في الدولة الصغيرة ومن يمسها بسوء كمن يفتح على نفسه أبواب جهنم، وأما القول أن الإمارات "لجأت" إلى إسرائيل من أجل منع هذه الأخيرة من ضم الضفة الغربية، ومن أجل حل الدولتين فهذا مبرر يحتاج الأخذ به إلى نسبة كبيرة من الخبل والجنون، مثله مثل مبرر رغبة الإمارات في التسلح بطائرات جد متطورة لهدم أسطورة "التفوق العسكري الإقليمي الإسرائيلي"، فالإمارات لا تملك حتى جيشا نظاميا من أبناء البلد وكل ما لديها هم مرتزقة من دول متعددة يقاتلون تحت الطلب وبراتب شهري وبجوازات سفر أوطانهم الأصلية، وعندما تنتهي مهامهم القتالية يعودون لبلدانهم.
يبقى السؤال هو هل "صالحت" الإمارات إسرائيل، أم احتلت إسرائيل الإمارات؟، لا يمكن الحديث عن صلح لم تسبقه عداوة، فلم يكن بين نظام أبو ظبي وتل أبيب خلاف، لذلك تكون "اتفاقية الصلح" بين البلدين، هي في حقيقتها "اتفاقية الحماية"، بموجبها تتكلف إسرائيل بأعمال الحراسة والمطعمة والبستنة والبرمجة للحاكم، وبقمع كل حركات وثورات الشعوب العربية التواقة إلى توزيع عادل للثروات والمشاركة في حكم بلدانها ديمقراطيا كما يفعل المواطنون في الغرب، والكل تحت غطاء محاربة الإرهاب وتنظيم "الإخوان" و"داعش" وغيرها من المسوغات، بما يضمن للحكام قعودا آمنا ودائما فوق العروش، لا سلطة لهم ولا سيادة غير صورهم المطبوعة على الأوراق المالية، وحكمهم للبلد على الأقل بشهادة ويكيبيديا.
أما فلسطين فلا بوادر على عتقها وتخليصها من مخالب المحتل الصهيوني، فحتى أهلها منقسمون فيما بينهم، بعضهم اختار أن يكون كلب حراسة للخاصرة الإسرائيلية فلا يعض سوى مواطنيه، والبعض الآخر يراهن على أنفة وكبرياء محاصرين من كل الجهات بالأعداء وبالإخوة الأشد عداء من الأعداء.
في المحصلة بات على العرب اليوم الكفاح لتحرير دولتين، فلسطين والإمارات العربية المتحدة، فهل ينجحون في ذلك أم ستتهافت دول عربية أخرى لتتذوق عسيلة "اتفاقية الحماية" مع "الشقيق الإسرائيلي"؟.



"اتفاقية الحماية": الحاكم إماراتي و"الكارضكور" إسرائيلي فمن التالي؟
رابط مختصر
25‏/8‏/2020 03:15
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء أسرة "الحرية تي في" وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.