لقد توالت الشكاوى المنشورة ضد بنوك مختلفة تعمل في البلاد من طرف المغاربة، خصوصا في السنتين الاخيرتين، حيث عرف القطاع البنكي مشاكل عديدة تهم معظم أو جل زبناء شركة بنكية معينة, وهو الأمر الذي أرى أنه طبيعي جدا بسبب العلاقة غير المتوازنة بين الزبون وبنكه، وكسل تلك البنوك فيما يخص تطوير أنظمتها وتحديث أساليب وطرق تقديم خدماتها مع مرور الزمن.
سأضرب مثالا أو أكثر مما عايشته بنفسي بحكم التعامل لسنوات مع شركتين بنكيتين مغربيتين بنفسي، ولكن قبل ذلك، سأحاول تشخيص الأسباب الأصلية التي تترتب عنها هذه المشاكل، عوض الغوص في بحر النتائج مباشرة، والذي يبدو أنه لا يكاد ينتهي عندما يقوم المتتبع بإلقاء نظرة على حجم الشكاوى ومستوى التخبط بين زبناء البنوك المغربية عبر الإنترنيت فقط ! دون الحديث عمن نعرفهم على أرض الواقع، فتجدهم يتذمرون مباشرة بعد بدأ الحديث عن البنوك وما يحوم حولها، إلا "ما رحم ربي" (مجاز).
إن المشكلة أساسا تتمثل في أن البنوك إحتفظت لنفسها بحق التحكم "الكامل" في حساب الزبون فيما يخص الإجراءات المتعلقة برصيد الحساب عموما، بينما تعرقل الإجراءات التي يرغب هذا الأخير في القيام بها "حول الحساب" من قبيل إلغاء خدمة "غير مجانية" معينة (مثل الكشوفات الشهرية عبر البريد.. والتي لا أرى أنها متجاوزة في وقتنا الحاضر، ولا قيمة لها، إذ يكفي كشف سنوي أو نصف سنوي، مع تمكين المستخدم من تتبع حسابه بشكل مستمر عبر تطبيقات الهواتف الذكية، او المنصات الرقمية الخاصة بالأنظمة البنكية)، سواء عن عمد (بشكل ممنهج) أو بسبب تقصير صريح وواضح في أداء الواجبات من طرف واحد، ألا وهو البنك في حالتنا هذه. والأكبر من ذلك هو كون بعض البنوك لا تقوم في الأصل بتطبيق القوانين المعمول بها في علاقتها بالزبناء، منها مثلا أن تجد بنكا لم يقم بإغلاق حساب لشخص توفي منذ مدة، والإستمرار في الإقتطاعات رغم الإشعار بالوفاة ورغم وصول حسابه إلى رصيد سالب !!! وهي الحالة التي تكرر الحديث عنها في أكثر من موقع ومن طرف أكثر من شخص !
إن مشكلة كون الأبناك قوية جدا كمؤسسات، سواء بالمقارنة مع أشخاص ذاتيين أو معنويين، هي معضلة دولية وليست محلية.. وهذا موضوع اخر، سأناقشه في مقال مرتقب سأتحدث فيه عن البدائل المحتملة للأنظمة البنكية الحالية (أبرزها تقنية البلوكتشين التي تعمل بها عملات رقمية مثل البيتكوين) والعراقيل التي تقف أمامها والسبل الممكنة لتطويرها. أما في الوقت الراهن فلا أرى أنه بإمكان أي شخص مواجهة أي بنك ولو قام هذا الأخير بإنتهاك حقه وخرق القوانين، وهذا أمر واضح ومعلوم للجميع (أو هكذا يفترض)، خصوصا وأن الزبون هو الذي في حاجة ماسة للخدمات البنكية التي تقدمها هذه الشركات أكثر من حاجة هذه الأخيرة للزبناء في وقتنا الحاضر... لكن هذا الأمر "الواقع" لا يعني غياب الحلول، بل ساضع حلولا مختصرة في نهاية هذا المقال (عسى أن أفصل فيها مستقبلا في مقالات مستقلة).
من جهة أخرى نجد أن هذه الأبناك ترتكب خروقات بالجملة في حق زبنائها، مع عدم إمتلاك هؤلاء للسند الذي يساعدهم على الحفاظ على حقوقهم، وعدم توفر أي وسيلة فعالة للدفاع عن أنفسهم ضد تلك الخروقات. منها، على سبيل المثال لا الحصر، ما قام به "البنك الشعبي" مؤخرا، وبالضبط في شهر أبريل، حيث إقتطع رصيدا بقيمة 35 درهم من حسابات زبنائه دون أخذ إذنهم أو حتى مجرد إشعارهم بالأمر ودون إيضاح سبب الإقتطاع الذي كان يشير إلى خدمة تأمين "مجهولة" ! وكوني أملك حسابا لدى هذا البنك، وقد تعرض حسابي لهذا الخرق، فإنني أعلن عدم موافقتي على هذا الإقتطاع وأنني لم يسبق لي أن وافقت عليه كما أنني لم أتلقى أي إشعار قبل القيام بذلك، مطلقا سواء عبر الهاتف أو عبر البريد الإلكتروني أو حتى عبر رسائلة بريدية إلى محل سكناي، وهي المعلومات التي كنت قد زودت بها البنك أثناء فتح حساب لديهم... وهذه صورة من حسابي توضح قيمة وتاريخ والسبب "المبهم" لهذا الإقتطاع:
في الحقيقة، ليس هذا هو البنك الوحيد المتهم بالقيام بإقتطاعات غير موافق عليها من طرف الزبون بل إن هناك بنوكا أخرى عديدة يقول زبناؤها إنها تقوم بإقتطاعات غير مبررة ولم يسبق لهم أن وافقوا عليها أو تم إشعارهم بها، كما وليست مثل هذه الإقتطاعات المتكررة بشكل مريب هي الإجراءات الغير مفهومة وحسب، بل إن الكشوفات البنكية الدورية نفسها غير مفهومة ولا يمكن إستيعابها بسهولة من طرف الزبناء العاديين، خصوصا أنها في تكون مكتوبة بالفرنسية لأغلب البنوك في المغرب، وهو الأمر الذي يبدو مستغربا كون اللغتين الأساسيتين للمغاربة هما العربية والأمازيغية أساسا، ولابد من التفكير في تغيير أسلوب وطريقة ولغة التواصل الرئيسية لتصبح العربية وإضافة الأمازيغية مع ترك الفرنسية كلغة تواصل ثانوية، وتزويد الزبناء بمعلومات أكثر وضوحا وتفصيلا في الكشوفات الدورية... بل إن هذه الكشوفات نفسها هي مدفوعة وغير مجانية ولا يوجد داعي لها (كما أشرت لذلك سابقا) بالنظر إلى أنه يمكن للزبون تتبع حسابه عبر جهازه (سواء هاتف او حاسوب أو لوحة إلكترونية "تابلت")، ومع ذلك ترفض البنوك إلغائها ولو بطلب من الزبون. وأتذكر أن مسؤول البنك تحج بالقول "هذا ضمن النظام الأساسي ولا يمكن إلغاؤها" (عجيــــب !). وحتى إن كانت مكلفة كما يتحجج البنك، يمكن جعلها سنوية أو نصف سنوية، فلا أعتقد أن هناك من يرغب في القيام بعملية أو عمليتين عبر حسابك والإنتظار إلى نهاية الشهر لمراجعتها وتتبع الحساب مع الدفع لقاء هذه الخدمة "الثانوية" في حين يمكنه القيام بذلك عبر هاتفه في أي وقت يريد !
أيضا، أجد أنه حتى لو تم غض الطرف عن كل ما سبق ذكره نجد أن طريقة تعامل البنوك مع زبنائها في بلادنا لا ترقى للمستوى المنشود، ولا يمكن السكوت عنها إلى أمد طويل، فإنك ورغم قبولك بهذه الخروقات والأموال الطائلة التي تجنيها هذه البنوك دون أي حق (سواء عبر الإقتطاعات الغير مبررة أو إدراج خدمات ثانوية ضمن الخدمات "المدفوعة" وبأثمنة باهضة نسبيا) تجد نفسك امام خدمات متردية جدا.. عن نفسي مثلا كنت قد واجهت مشكلة في تفعيل الحساب الإلكتروني في موقع "البنك الشعبي" ولما توجهت إلى مقر البنك الذي سجلت الحساب فيه أول مرة، أخبرني مديره أن حسابي هو من نوع "تجاري" (business) ولكن وبالرجوع إلى اوراق التعاقد التي قمت بالإمضاء عليها أثناء فتح الحساب، أجد ان نوع الحساب هو "فردي" أو "عادي" (لا أتذكر بالضبط ماذا كانوا يسمونه) وليس "تجاري"، وحاول مدير البنك تبرير ذلك بأن قال لي "لقد قمت مؤخرا بتغيير نوع حسابك"، مع أنني متأكد 100% من عدم قيامي بأي إجراء من هذا النوع مطلقا، وقد قال لي أنه لا يستطيع تغيير نوع الحساب رغم أنهم من قاموا بفتحه !!! ثم أكد لي أنه وضع شكاية بالموضوع لأجلي.. لكنني لم أتلقى إتصالا من طرف البنك إلا بعد مرور عدة أشهر على ذلك (قبل حوالي شهرين من الان تقريبا، بينما الشكاية وضعت بعد أيام عيد الأضحى في السنة الماضية على ما أتذكر)، حيث تم حل مشكلة الحساب الإلكتروني أخيرا، لكنني لست مهتما بتغيير نوع الحساب من عدمه، لأنني أنوي غلق هذا الحساب بعد إتمام أمر متعلق بأجرة يتم دفعها عن طريقه.. هذا دون الحديث عن مشاكل أخرى من ابزها التعطل المستمر والمتكرر لأجهزة الصراف الالي مما يضطر الزبون إلى إستخدام صرافات البنوك الاخرى المجاورة، وهو الأمر الذي يتم بسببه إقتطاع بضعة دراهم عن كل عملية سحب يقوم بها في صراف غير تابع للبنك الذي يضيف لديه حسابه.
لا أريد أن أركز على بنك واحد فقط في ضرب الأمثلة لكي لا يظن البعض أنني أحاول مهاجمته هو بحد ذاته، لذلك سأقوم بالحديث عن بعض المشاكل في بنك اخر، ولحسن الحظ أستطيع ذلك لكوني أملك حسابا في بنك "الشركة العامة" والذي قمت بإنشائه لديهم قبل أكثر من خمس سنوات من أجل الإستفادة من خدمة بطاقة إلكترونية من نوع "فيزا" إسمها "My Ecarte" للإستخدام الإلكتروني عبر خدمة التحويل الرقمية "باي بال" (أو سمه البنك الرقمي إن شئت)، لم أطلب البطاقة من بنك الشعبي لأنهم يقدمون بطاقة من نوع "ماستر كارد" بينما أنا كنت بحاجة لكارت من نوع "فيزا".. وسأسرد قصة مضحكة بقدر الغضب الممكن أن يتكون لدى الزبون بسببها..
المشكلة في هذه القصة ليست في معضلة التواصل التي تعيشها هذه البنوك المغربية او الدولية التي تعمل بالمغرب حيث يتطلب منك الأمر أحيانا نصف يوم أو يوم وأنت تحاول الإتصال بفرع للبنك دون أن يتم فتح الخط، وغالبا ما تجد حتى خدمة الزبناء المركزية "مشغولة" طيلة الوقت، ولكن المصيبة هي أن بعض الإجراءات البسيطة، تتطلب وقتا كبيرا جدا قد يصل لعدة أسابيع او حتى شهور أحيانا، مما يدل على التماطل والكسل أكثر من مجرد إجراءات إدارية روتينية، وهو ما حدث معي في هذه القصة التي سأسردها.
أما أحداثها فقد بدأت لما كنت أريد نقل حسابي البنكي لدى "الشركة العامة" وهي مجموعة بنكية دولية محدودة مقرها في فرنسا ولها فرع في المغرب معروف تحت إسم "Société Générale Marocaine de Banques"، حيث كنت قد فتحت حسابا لدى مقر لهم قبل سنوات، وبحكم أنني تحولت للسكن في مدينة أخرى بعد مدة معينة (بضعة سنوات) رغبت في نقل الحساب، ولم أكن أتصور أنني سألاقي صعوبات بهذلك القدر.
حيث توجهت إلى أقرب مقر تابع لهذا البنك من أجل نقل الحساب إليه، وضعت الطلب، ثم ذهبت.. بعد بضعة أيام لما لم أتلقى أي إتصال من أي من من الفرعين (سواء المنقول منه أو الذي سأنقل له الحساب) توجهت إلى نفس المقر لأتحقق من كون طلبي قد تمت تلبيته، فأتفاجأ بأنهم يواجهونني بمشكلة سخيفة عطلت العملية برمتها، ألا وهي أن البطاقة الإلكترونية "ماي إي كارت" السالفة الذكر، رصيدها سلبي بقيمة 1.30 درهم (درهم و ثلاثون سنتيم) ولا يمكن إتمام العملية رغم كون رصيد الحساب العادي إيجابي برصيد من بضعة مئات من الدراهم.
في الحقيقة، كان هذا الحساب مهملا لمدة طويلة تقارب السنة، ولم أنتبه على رصيد البطاقة متى أصبح سلبيا، حيث أنهم يعزلون الحسابين ويعتبرونهما منفصلين، الحساب البنكي العادي، وحساب البطاقة السالفة الذكر لذلك فكون أحدهما سلبي الرصيد لا يعني أنه سيستفيد من رصيد الحساب الاخر، بل حتى إن التحويل بين الحسابين يتطلب حضورا فعليا في مقر البنك الذي قمت بإنشاء الحساب لديه (او الذي يدير حسابك) او عبر التطبيق الإلكتروني الذي قاموا بإطلاقه قبل مدة، ففي اليوم الذي حصلت فيه على بطاقة "ماي إي كارت"، أخبرني ممثل البنك الذي قام بإنشاء الحساب لصالحي أن الطريقة الوحيدة لملأ البطاقة هي بالحضور "جسديا" والإمضاء على عملية التحويل من الحساب العادي (المحلي) إلى بطاقة "فيزا"، ولما سألت إن كانت هناك أي طريقة أخرى أجابني بالنفي، ولم أكن أعلم بإمكانية القيام بذلك عبر "تطبيق أندرويد" إلا بعد هذه الحادثة حيث أخبرني بذلك ممثل البنك في المقر الجديد الذي كنت أنوي نقل الحساب إليه.
المشكلة هنا، أنني وكوني في تلك الفترة لا أعلم بوجود تطبيق للقيام بهذه العملية، بالتالي لا أتوفر على هذا التطبيق، بالتالي فإنه يتحتم علي السفر إلى تلك المدينة والحضور لدى مقر فرع البنك المعلوم من أجل إتمام العملية بنفسي، أو الحصول على معلومات الولوج للتطبيق الإلكتروني بعد تحميله من "جوجل بلاي" وهو الأمر الذي يتطلب وقتا لكي يتم (قالوا لي أن الموضوع قد يتطلب حوالي 48 ساعة في حالة رغبت في التسجيل بالتطبيق وإنتظار مكالمة من الدعم لتمكيني من إستخدامه.. وكما يعلم الجميع، كل مدة زمنية في المغرب غالبا ما يتم ضربها في ضعفها أو أكثر لكي تحصل على المدة الفعلية.. وإلا فيجب علي السفر والحضور إلى مقر الفرع البنكي الذي أنشأت الحساب لديهم من أجل أن يقوموا يتزويدي بتلك المعلومات، وهو الأمر الذي سيتطلب وقتا أيضا، دون الحديث عن مشاكل أخرى متعلقة بالعمل وإلتزمات أخرى). لهذا فكرت أن أتصل بهم من أجل القيام بالعملية لأجلي عبر الهاتف، ورفضوا طبعا، لذلك قمت بالإمضاء على طلب خطي فيه طلب تحويل قيمة بين الحسابين (الحساب العادي وحساب بطاقة فيزا) ثم أرسله المسؤول عنه إلى المقر القديم (في المدينة الأخرى)، ولكن بعد مرور أربعة أيام (تزامن الموضوع مع يومي السبت والأحد حيث لا تعمل هذه المؤسسات في المغرب مما تسبب في يومين إضافيين) قاموا بالرد عليهم بأنه يتوجب علي ملأ نموذج موجود مسبقا ومخصص لهذا الغرض، وهنا تتضح مشكلة أخرى وهي غياب التنسيق بين هذه الفروع، او التباين بينها فيما يخص المعلومات التي تهم تسيير نظامها البنكي وعلاقتها بالزبناء، فما يعرفه مسيًروا هذا الفرع قد لا يعلمه اخرون في فرع اخر، والعكس بالعكس.
في النهاية، تطلب إتمام هذه العملية أكثر من أربعة أسابيع في المجموع.. وهو الأمر الذي جعلني أضحك بأسف على أنظمتنا البنكية عندما أتذكرها. ولكن، ولقول كلمة حق (كي لا أبدو عدميا)، أن مسؤول الفرع الجديد الذي نقلت الحساب إليه كان محترما جدا في تعامله ويبدو أكثر نشاطا في عمله من الاخرين وهو الأمر الذي إتضح لي في اكثر من مرة. لكن نموذجا واحدا لا يمكن أن يغطي عيوب البقية، حيث لا يمكن إستخدام الإستثناءات لبناء الإرتسامات والخروج بالإستنتاجات، وهذه حقيقة ثابتة في كل المجالات.
رغم كل ذلك، أود الإشارة إلى أنني حاولت الإعتماد على تجربتي الشخصية من أجل الدقة في نقل المعلومة، حيث تجدني نادرا ما أستخدم الخدمات البنكية وأحاول في معظم الحالات التعامل بعيدا عنها من أجل راحة البال والتأكد من سير الأمور بشكل جيد (إلا عند الضرورة فقط). لذلك فإنني أكاد أجزم أن هذه المشاكل التي واجهتها والعراقيل التي عاينتها هيلا شيء مقارنة بصداع الرأس الذي يعاني منه زبناء البنوك في المغرب الذين تلعب هذه الأخيرة دورا محوريا في حياتهم اليومية (مثل التجار)، ولطالما كنت غير مهتما بشكل كبير بتذمر بعض معارفي من خدمات البنك الفلاني أو خدمة تحويل الاموال العلانية، حيث كنت أرى أنها مجرد أخطاء بسيطة ونادرة... لكن، يبدو أنها ليست مجرد أخطاء، بل تتفاوت بين "خروقات" صريحة للقانون أحيانا (مثل الإقتطاعات السالفة الذكر) وضعف جودة الخدمات في أحيان أخرى (من قبيل تمطيط وتمديد إجراءات بعينها، وكذا معضلة التواصل بين ممثلي ومسؤولي البنوك من جهة والزبناء من جهة أخرى).
في النهاية أرى أن إستمرار هذه الأوضاع، في الوقت الذي أصبح فيه المغاربة يعاينون ويجربون خدمات دولية عالية الجودة، من قبيل بنوك تنشيء لك حسابا أمريكيا بإسمك وترسل لك بطاقتك البنكية للسحب عبر الصراف الالي والإستخدام الإلكتروني إلى المغرب في حدود أسبوع إلى أسبوعين (يعني أسرع حتى من المدة المطلوبة للتحصل على بطاقتك الإلكترونية من بنك محلي)، هذا دون الحديث عن ميزة التعاملات "اللامحدودة" عموما، عكس البنوك المغربية التي توفر لزبنائها مليون سنتيم فقط (10000 درهم) في السنة للإستخدام عبر بطاقته فيزا أو ماستركارد خارج المغرب.. وهذا الأمر (إضافة لتفاصيل أخرى عديدة يطول الحديث عنها) يحتم على البنوك المغربية (او الدولية العاملة في المغرب) أن تقوم بتطوير أنظمتها، والعمل على تنمية جودة الخدمات المقدمة لزبنائها.
أما في حالة إستمرار هذه الأوضاع المزرية وتردي جودة الخدمات، فأرى أن هناك حلولا ثلاثة مطروحة بشكل مبدئي، وهي كالتالي:
- تأميم النظام البنكي في البلاد حيث يمكن للزبناء أن يحاوروا الدولة مباشرة بخصوص أي ضعف في الخدمات وكي تصبح المحاسبة ممكنة بخصوص الإقتطاعات وكذا الإجراءات التي تتم على حساباتهم (هذا من إختصاص الدولة طبعا، ولا أعتقد أنه بإمكان المجتمع المدني القيام بشيء حيال ذلك سوى إتخاذ أساليب إحتجاجية مختلفة للضغط من أجل أن تسلك الدولة هذا التوجه).
- التوجه إلى حلول بديلة يمكن الإعتماد عليها حاليا، كالخزينة العامة مثلا، والتي نجد أن من بين أنشطتها إنشاء (أو بتعبير أدق: إدارة أو مسك) الحسابات البنكية للأفراد والشركات بشكل شبيه بالأبناك تماما مع كون خدماتها البنكية مجانية في عمومها ودون إقتطاعات.
- الدعوة إلى حملات مقاطعة شعبية "جزئية" وعلى فترات متفاوتة ضد بعض البنوك التي تعرف تدهورا خدماتيا واستغلالا لمستخدميها (لفرض ضغط مكثف على بنك بعينه دون غيره، عبر غلق الحسابات فيه، وفتحها في غيره ثم الإنتقال للذي بعده، ثم الذي يليه وهكذا)، ويمكن إستعمال المقترح الثاني (السابق) في هذه العملية.
إذا، وفي إنتظار ما ستؤول إليه الأوضاع، وهل سيلاقي هذا الموضوع نقاشا جديا ومقترحات إضافية من مختلف نشطاء ورواد الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الإجتماعي.. لنأمل أن يكون هناك تطور إيجابي لدى الطرف الآخر :)
ويبقى التساؤل الاهم مطروحا... هل ستصل شجاعة الشعب المغربي الذي تفاعل في حملة مقاطعة لشركات ومنتجات محددة، والتي لازالت مستمرة إلى يومنا هذا، إلى حد أن يفكر في مجابهة "أخطبوطات" الانظمة البنكية يا ترى؟
بقلم: البصري عبد الناصر.
لا توجد تعليقات في هذه الصفحة.. كن أنت أول المتفاعلين!