حفيظ زرزان
لعل المتتبع للأحداث ولمختلف المواقف الصادرة تظهر له حالة فرز واضح دوليا وإقليميا والرغبة الفرنسية الألمانية التي سبق وأشرنا لها في مقالة "خريطة العالم ما بعد كورونا" وكيف أصبحت ألمانيا تعلن قلقها مما تفعله روسيا بلبييا أو دعوتها لتويتر لنقل مقره لألمانيا بعد تهديدات ترامب لشركات مواقع التواصل في محاولة لإخضاعها وهو المقبل على موعد انتخابي مهم.
لاعب ألماني بمخابرات خارجية أصبحت تنافس السي آي إي، يستند إقليميا على تركيا، ويجاهر بمواقفه ويتحرك دبلوماسيا على أكثر من صعيد، باقتصاد قوي، وصناعة مدنية رائدة، وقد خلصه كورونا من شبح الشيخوخة الذي كان يهدده، وأطلق دوريه الكروي معلنا قدرته على التحكم بالفيروش كمؤشر.
بينما فرنسا التي أصبحت المقر الرئيس لتحرك إسرائيل، سواء استضافتها لقناتها الإعلامية إي 24 أو دعمها إعلاميا لمواقفها. كانت سباقة للملف الليبي ولبقية ملفات المنطقة عند المسلمين، وهي تعلم جيدا أن من يريد قدما راسخة بالمنتظم الدولي فيجب أن تكون له كلمة وحضور بالمنطقة.
المسلمون مفتاح كبير ومركزي في العلاقات الدولية، ضعفهم اليوم يترك المساحة للآخرين، أي اللاعبين الكبار، أكانت أمريكا أو روسيا أو ألمانيا وفرنسا وغطاءهما الاتحاد الأوربي، بريطانيا أو الصين الزاحفة بحذر، وحولها نمرات أربع.
وهناك نقاط، يجب التفكير في تسويتها مستقبلا، كالمشكل التاريخي بين الهند وباكستان، والملف الأفغاني، وكيف تعود الأندلس لحظيرة الأمة، والجزائر، والبوسنة والهرسك بمجازرها الفظيعة، والشيشان، وتبليغ الرسالة لكل إنسان.
وثخوم أمة وصلت الصين يوما.
حوالينا أعني بلدنا الحبيب المغرب، معالم تشكل قطب إقليمي يتذبذب، بوصلته وواسطة عقده فلسطين وعمق ممانعتها الحصين غزة المحاصرة، ورائدتها حماس المقاومة، وآخر صف تطبيعي مع إسرائيل، يدعم جزءا من نسق سياسي ينسق مع إسرائيل ويمده بالمساعدات نكاية في الجانب الممانع من المقاومة وإفشالا للتغيير والتحرير المنشود.
الأمة نصفان اليوم.
إنهما خطان متدافعان بل متضادان، أنظمة سياسية موالية للهيمنة الأمريكية وربيبتها الصهيونية خاضعة لابتزازاتها وضغوطها أو لبقية لاعبي المنتظم الدولي القادمين وأعني فرنسا وألمانيا أو الصين بعدها، وآخر يعاند ويفاوض ويساند ويكابد وفقا لما تقتضيه العلاقات الدولية والإقليمية من معادلات رياضية معقدة ومربكة أحيانا ومحيرة.
المتبصر في عمق الأمور قد يميز، وقد تكون هناك أخطاء، بل كوارث وفظائع كما فعلت "إيران" غفر الله لها بسوريا، ضدا في خط السعودية والإمارات، والضحايا فئات من المسلمين تتقاتل، ومدنيون مشردون، وحسابات دولية تخير المسلمين بين أن يبقوا تحت ظل أنظمة سياسية مستبدة خاضعة للأجندة الدولية أو الخراب والدمار وإعادة الإعمار بنفس أدوات الاستكبار وبشركاته العابرة للقارات. بالنسق الدارج "فيك فيك" !
في الخط الأول: قطر وتركيا وإيران وفي الخط الثاني مصر والسعودية والإمارات، بينما تتجاذب هذه الأطراف بخيوط دولية العديد من الملفات من المنطقة، في اليمن، وليبيا والعراق، وتونس التي خرجت أنباء بمحاولة انقلاب تعدها أنساق الخط الثاني.
أطماع دولية تتمثل في إخضاع المسلمين كيفما كان الحال، حتى بالتحالف مع الشيطان، ورغبة إقليمية متشابكة، واحدة تبحث لها عن التعاون والتنسيق المشترك والخروج بالأمة من حالة الشتات والتشردم، وأخرى تريد إحكام قبضتها وأجندتها وتجمد الوضع داخليا وتبقى على استبدادها واستعبادها للناس.
كيف تصمد وفق لقواعد لعب دولي ماكر طاغي عولمي وكيف تحاور وتناور وتحاذر، بنسق سياسي معين، أو بهواجس ديمقراطية داخلية لازالت هشة، أو دويلات لازالت تعاني الاستبداد، وتفكر بمنطق أمة تبحث عن العودة والقوة في كل ميادين الصراع، بل لتصبح مستقبلا قوة دولية تحمل شعار العدل وتفرضه من منطق كلمة القوي وصوته المسموع بديلا عن الحقارة والقذارة التي وصلتها الأمور اليوم؟
وسمعنا عن قانون كيرز وعن علم الإدارة الأمريكية بفيروس كورنا، كشفها صحفي أمريكي وتمت ترجمتها، وبثها الاتجاه المعاكس بقناة الجزيرة للإعلامي المتميز الدكتور فيصل القاسم. بما يعني أن ما يقع من جائحة اليوم مسرحية تم كتابة سيناريو لعبها مسبقا بمختلف مخرجاتها، ولها أهداف مرسومة مسبقا أهم من البورصة والاقتصاد، وجوهرها إخضاع الإنسان والعودة بقواعد اللعب إلى الصفر وإلى الهيمنة والتحكم باستخدام حرب بيولوجية خبيثة رفعت شعار "دعه يموت"، وأربكت علاقات دول الاتحاد الأوربي فينا بينها.
تغيير قواعد اللعب الدولي بمنطق آخر، لتتكرس الهيمنة للاعبين الكبار دوليـأ، ولتأبيد استبدادات محلية، حيث الإنسان المذعور الضعيف الصغير لا يفكر اليوم إلا في الإبقاء على حياته وهو يرى الخلق يسقطون تباعا أمامه حائرا.
كل هذه الاستخبارات التي تراقب الأرض والجو والفضاء أعوزها تحديد مصدر الفيروس؟
أقوى وأعتى الدول تتناطح في لعبة ممزوجة وليس لديها المعلومة الكاملة؟
رأينا كيف يسارع نظام السعودية لإنقاذ الاقتصاد الأمريكي. هذا الأخير الذي يمسك ملف خاشقجي بيد، ويبتز باليد الأخرى ليستنزف ثروات الأمة من النزق الصغير.
لا توجد تعليقات في هذه الصفحة.. كن أنت أول المتفاعلين!