محمد الشمسي
هم كذلك كبار اللاعبين ، أشداء في الشدائد ، وهي كذلك كبار المنتخبات تُعزُّ يوم الامتحان ، فعلها رياض محرز حين سجل هدفا في الدقيقة 90 ومن ضربة حرة ، فوضع منتخب بلاده في نهائي كأس إفريقيا للأمم ، وشتان بين لاعب يخلق الفرق من ضربة خطأ ، وبين آخر يهدر ضربة جزاء ببلاهة ، وشتان بين منتخب دخل مصر عازما مصمما ، وبين آخر دخلها مدللا "مفششا" ، متلهفا فقط على ليال علبة "النيل الأزرق" وما حوته من مجون و"قصارة" ...وشتان بين لاعبين يصنعون الفرحة والبهجة في نفوس جماهيرهم ، وبين من يرسمون المآسي والأحزان ، ويجددون كتابة الفشل بأسطر من مداد العار ، ويدفعون الجماهير إلى الكفر بكرة القدم ، ويعجلون بإصابة جماهيريهم بأمراض "السكري والطونسيو والعَصاب".
لا أدري لماذا تأخذنا الحماسة في مباريات المنتخب الجزائري، فبعيدا عن "لازمة" التاريخ المشترك ووحدة العادات والتقاليد واللغة والدين وكوننا "مشاركين الطعام والحدود " ، يمكن التفسير أن مناصرة "محاربي الصحراء" هو مجرد وسيلة وليس غاية في حد ذاته ، وسيلة لكي يبقى لكأس إفريقيا هدف وقيمة في دواخلنا ، بعد أن تسلل لنا الكثير من اليأس والإحباط واجتاحنا تسونامي النفور والعزلة والشعور بكثير من "الحكرة" ، بعدما خرج منها "منتخب لقجع وشريكه هيرفي" ، وهو المنتخب الهجين الذي لم يكن في حجم شرف تمثيل مغربنا ، وهو المنتخب الذي "علف" طاقمه الملايير من أموالنا نحن معشر دافعي الضرائب ...كان لابد لنا أن نبحث لنا عن محل للإعراب في هذا الكأس ، فلا يمكن لنا أن نتفرج على المنتخبات وهي تنازل بعضها البعض بدون مشاعر وبدون انتماء وبدون تفاعل ، فنحن لسنا "سماسرة لاعبين " نهيم خلف المواهب ، ولا نحن محللين ثرثارين نطلق العنان للألسن التي "مافيها عظم" ، لذلك قررنا أو أرغمنا على قرار مناصرة المنتخب الجزائري وتشجيعه ، بذريعة أنهم أشقاؤنا وهم جيراننا وهم امتداد لنا ونحن امتداد لهم ، وقد فرقتنا السياسة اللعينة المنفوخة بالأحقاد والحسابات ، فوحدتنا الكرة المنفوخة ب"الهوا " ، وعجبا لأمتين توحد كلمتهما "جلدة " و"رابعة من البرد" ، لقد أردنا أن نعيد ربط أنفسنا بالمنافسة القارية ، بعدما قطّع لقجع ورونار ومن معهم من " المدللين " الحبال والأسلاك التي توصلنا بالعرس الإفريقي .
كم هي عجيبة وغريبة وعصية رياضة كرة القدم هذه ، وأعجب ما فيها هو تمردها على قواعد الرياضيات والفيزياء وتكسيرها لمسلمات الكيمياء والهندسة وتخطيها لقواعد المنطق والعقل ، إنها رياضة تفرز قواعدها وقانونها فوق المستطيل الأخضر وليس خارجه ، وفوق المستطيل الأخضر فليتنافس المتنافسون ، وليخرس أشباه المحللين ...لذلك كم من فئة مستضعفة كرويا غلبت الفئة المستقوية ، وكم من منتخب أخذته العزة فكان من الخاسئين .
خرج "منتخب لقجع وشريكه هيرفي" من كأس إفريقيا بمصر مثلما سبق و خرج من كأس العالم في روسيا وقبلهما فعلها حين خرج من كأس إفريقيا بالغابون ، والحقيقة أننا لم نجن مع هذا المدرب ومع أولئك اللاعبين ومع طاقمهم ومع مكتبهم الجامعي سوى أفعال "خرج وانهزم وغادر وفشل" ، وهذا السيد فوزي لقجع ـ وأخيراـ سيجمع رهطه الاثنين المقبل في اجتماع بئيس ، ليفسر لنا ولهم معاني "الخروج والانهزام والمغادرة والفشل " ، المكتب الجامعي برئاسة كبيره الذي أكثر علينا منذ مجيئه من" تخراج العينين " ، لم يكن شجاعا في تقديم استقالة جماعية غير مأسوف عليه وعلى "رباعتو" ، لكن هيهات يفعل وهو رئيس أغنى جامعة تنتصب فوق ثروة تقارب ال 100 مليار سنتيم ، ثم هو نائب رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم الغارق في أوحال الفضائح .
حتما سيلجأ فوزي لقجع إلى استيراد كميات كبيرة وكثيرة من "الوهم" ، ليعيد تعليبه وتغليفه ثم تقديمه لنا في شكل "قوالب" جديدة تنبني على المزاوجة بين "الدجل والرياضة" مع كثير من "دفع الجبهة" ، وقد يلجأ إلى "تقنية الفار" ليعمد إلى " تنويم الجماهير مغناطيسيا" ، بمشاريع ثبت ضبطها في حالة تسلل في كل مرة ، بعدما بلعت المال العام بلا رقيب ...، وقد يروم التمويه لربح بعض من الوقت ، في مباراة خسرها منذ أن وقع انتخابه .
لا أعرف لماذا اشتم "رائحة السياسة" تنبعث من "كرة قدمنا" ، تفوح من تحت إبط عدد من المسئولين ، ممن وجدوا في كرة القدم سلما قد يوصلهم إلى حيث يرغبون ، لذلك ترى المكتب الجامعي يعض بالنواجذ على المناصب ، ولا أعرف سر رفض المكتب الجامعي الحالي مغادرة أرضية الميدان بعدما انتهت كل المباريات بفشله الدريع ، تفعيلا لمبدأ "ربط المسؤولية بالمحاسبة" ...
سنواصل نصرة المنتخب الجزائري وتشجيعه ،فقد اضطررنا إلى هذا النزوح الجماعي والكروي صوب الجارة الجزائر ، بعدما بتنا مثل "اليتامى في العيد " أو لنقل "اليتامى في "الكان" ، ولن نقبل منذ اليوم أن يمثلنا "منتخب مستورد" من أعماق أوروبا ، ونحن نعاين كيف لعب لاعب الوداد البيضاوي شيخ كومارا في منتخب كوديفوار في مباراة ربع النهاية ضد الجزائر ، وكيف يلعب يوسف بلايلي لاعب الترجي التونسي نهاية كاس إفريقيا ، وكيف ...وكيف...، أليس في الوداد من هم أحسن من شيخ كومارا ؟ وفي الرجاء من هزموا بلايلي وناديه في السوبر؟ ...نريد منتخبا يكون ولدا شرعيا من صلب بطولتنا التي خضعت لعملية تجميل وباتت "احترافية" ، فإذا كنا "خاسرين خاسرين اللهم بأولاد البطولة " على الأقل يمكن تسويقهم بما يصقل مواهبهم .
لا توجد تعليقات في هذه الصفحة.. كن أنت أول المتفاعلين!