د.أمينة مدرك
آية كريمة يرددها العلماء و الفقهاء و النوابغ والدارسون و العامة. و لكن ترديدهم في الحقيقة ببغائي متوارث كغيره من التفسيرات التي ظلت دائما تجريدية تسرد الذكر الحكيم بلغة فقهية عقيمة و صعبة. الراسخون في العلم طبعا يدركون تفسيرها و كنهها، و لكن لا احد منهم يوصلها إلى المتلقي بصورة بسيطة او واقعية، فتجدهم يسردونها بضبابية و كأن فحواها محصور أن الإنسان أوتي علم الدنيا و غاب عنه علم الغيب.
الحقيقة أن الإنسان اليوم ، و في خضم الطفرة العلمية، التي يعتقد أنه وصلها من علوم الدنيا اقول انه ،حتى في هذه، لم يؤت إلا قليلا و قليلا جدا. بكلام اخر : المتلقي البسيط بحاجة إلى شرح بسيط و مفصل للاية أو لنقل بحاجة إلى أمثلة ملموسة و تشبيهات تقريبية ليقتنع.
لذلك سأحاول اصدقائي أن اتيكم بهذا الطرح البسيط عله يشرح الآية الكريمة بصور ميدانية من واقعنا المعاصر.
●"عندما يصمم المهندسون جسرا يضعون له قاعدة ارضية صلبة، و يعززونها باعمدة و حديد و اسمنت مسلح و حسابات رياضية و هندسية و و و .. و لكن عند توقيع العقود مع شركات التأمين (مثلا)، يوقعون على أن ضمانات قوة الجسر هي 99 % و تبقى نسبة 1% تحسبا للقوى الخارقة( وهو للأسف تعبير تستنه القواميس الغربية الملحدة و نترجمه نحن منها ، و هو في الحقيقة يجب أن يسمى "مشيئة الله" ) اي ان المهندسين هنا يتركون نسبة 1% لمشيئة الله و كل مادون ذلك هو يقين على أن جسرهم ثابت . ما يحدث بعدها انه و عند أول هزة أرضية أو إعصار ينشق الجسر أو يتطاير أو يتفتت!! لماذا ؟ لأن علم المهندسين انطلق من الأرضية الصلبة المسلحة التي بنوها و ليس من السابع أراضين التي تحت القاعدة و ما تحتها و ما تحتها و ما خلفها و لا من سرعة الرياح الاتية من السماوات فوقنا ؛ فنحن " لا نحيط بشيء من علمه إلا بما شاء"...
و هنا اقول لمعشر المهندسين.. "يا معشر المهندسين انكم لم تؤتوا من العلم إلا قليلا فهندستكم تنطلق من الأرض الأولى و ليس من الأرض السابعة التي قد تكون بركانية أو مرجانية أو نفطية أو "الله اعلم" "..
● علماء النازا و الفلكيون و سابرو الأغوار الفضائية؟.. أفنوا ميزانيات على الصواريخ و المسابير و المركبات و كل يوم يأتوننا بحجرة من هنا و رملة من هنا و جمرة من هناك ،و هم يعلمون جيدا انه ما زالت هناك مجرات بعيدة و صعبة لم يتوصلوا لها و أنهم أمام 1% من معرفة الفضاء و لازال أمامهم أميال ال 99%.
● علماء الطب : مازال الأطباء يقفون مكتوفي الأيدي امام داء السكري و داء السرطان و الإيدز و امراض القلب و غيرها من الامراض التي يقال عنها مستعصية أو مزمنة؛ ومازال الموت يخطف منهم آلاف المرضى في الدقيقة الواحدة يوميا.
● هذا ان تكلمنا عن الأمراض الباطنة وعذرناهم لخطورتها و لكن المشكلة انه وحتى في مجال الامراض الخارجية !!؟؟ فكل التخصصات تقف مكتوفة الأيدي أمام حالات ساذجة •طب العظام يقف عاجزا أمام أبسط المشاكل مثل عظمة إبهام الرجل (اللوس فالغوس ) أو هشاشة العظام أو الالتهاب المفصلي المزمن وغيرها • طب الأوردة و الشرايين يقف عاجزا أما احتقان الشعيرات الدموية في الساقين وغيرها • طب الجلد يقف عاجزا أمام أبسط أنواع الحكة أو الفطريات او أمراض مثل البرص و البسوريازيس و الاكزيما او الصلع و غيرها • طب النساء و التوليد لازال عاجزا أمام التشوهات الجينية و الخلقية .. •علم النفس يقف عاجزا أمام أبسط أنواع الاكتئاب أو الشيزوفرينيا وغيرها..
• يقف البيولوجيون أمام ايجاد مبيد لاصغر أنواع البعوض . •ويقف الجيولوجيون أمام تخمين هزات الأرض ساعة او ساعتين قبل حدوثها ؛• ويقف الفيزيائيون عاجزين أمام ايجاد طريقة لايقاف الحرائق في الغابات • ويقف جهابذة التعليم في إيجاد طرق تعليمية محببة لطفل لديه صعوبات •و يقف علماء المال و الأعمال أمام دراسات وجداول التداول فهل هم غدا مفلسون ام أثرياء...
هذه أمثلة و لكن تأكدوا أن كل العلوم الانسانية تقف في منتصف الطريق أو أوله و تعترف "ما اوتينا من العلم إلا قليلا" ...
اما النسبيون الذين أعطوا ضمانات ال 99% فليتاكدوا أن هذه النسبة كثيرة جدا و ليراجعوا حساباتهم فقد تكون نسبة ال 1% كثيرة أيضا.
هذا الكلام قلته منذ عامين وها هو كورونا اليوم يفضح كل أنواع العلم.
"و ما أوتيتم من العلم إلا قليلا "
صدق الله العظيم .
أحسنتِ دكتورة أمينة ??