"وما أوتيتم من العلم إلا قليلا "

الحرية تي في - الحرية تي في آخر تحديث : 23‏/3‏/2020 00:34

 

received_1022163374781850.jpeg (19 KB)

د.أمينة مدرك

آية كريمة يرددها العلماء و الفقهاء و النوابغ والدارسون و العامة. و لكن ترديدهم في الحقيقة ببغائي متوارث كغيره من التفسيرات التي ظلت دائما تجريدية تسرد الذكر الحكيم بلغة فقهية عقيمة و صعبة. الراسخون في العلم طبعا يدركون تفسيرها و كنهها، و لكن لا احد منهم يوصلها إلى المتلقي بصورة بسيطة او واقعية، فتجدهم يسردونها بضبابية و كأن فحواها محصور أن الإنسان أوتي علم الدنيا و غاب عنه علم الغيب.
الحقيقة أن الإنسان اليوم ، و في خضم الطفرة العلمية، التي يعتقد أنه وصلها من علوم الدنيا اقول انه ،حتى في هذه، لم يؤت إلا قليلا و قليلا جدا. بكلام اخر : المتلقي البسيط بحاجة إلى شرح بسيط و مفصل للاية أو لنقل بحاجة إلى أمثلة ملموسة و تشبيهات تقريبية ليقتنع.
لذلك سأحاول اصدقائي أن اتيكم بهذا الطرح البسيط عله يشرح الآية الكريمة بصور ميدانية من واقعنا المعاصر.
●"عندما يصمم المهندسون جسرا يضعون له قاعدة ارضية صلبة، و يعززونها باعمدة و حديد و اسمنت مسلح و حسابات رياضية و هندسية و و و .. و لكن عند توقيع العقود مع شركات التأمين (مثلا)، يوقعون على أن ضمانات قوة الجسر هي 99 % و تبقى نسبة 1% تحسبا للقوى الخارقة( وهو للأسف تعبير تستنه القواميس الغربية الملحدة و نترجمه نحن منها ، و هو في الحقيقة يجب أن يسمى "مشيئة الله" ) اي ان المهندسين هنا يتركون نسبة 1% لمشيئة الله و كل مادون ذلك هو يقين على أن جسرهم ثابت . ما يحدث بعدها انه و عند أول هزة أرضية أو إعصار ينشق الجسر أو يتطاير أو يتفتت!! لماذا ؟ لأن علم المهندسين انطلق من الأرضية الصلبة المسلحة التي بنوها و ليس من السابع أراضين التي تحت القاعدة و ما تحتها و ما تحتها و ما خلفها و لا من سرعة الرياح الاتية من السماوات فوقنا ؛ فنحن " لا نحيط بشيء من علمه إلا بما شاء"...
و هنا اقول لمعشر المهندسين.. "يا معشر المهندسين انكم لم تؤتوا من العلم إلا قليلا فهندستكم تنطلق من الأرض الأولى و ليس من الأرض السابعة التي قد تكون بركانية أو مرجانية أو نفطية أو "الله اعلم" "..
● علماء النازا و الفلكيون و سابرو الأغوار الفضائية؟.. أفنوا ميزانيات على الصواريخ و المسابير و المركبات و كل يوم يأتوننا بحجرة من هنا و رملة من هنا و جمرة من هناك ،و هم يعلمون جيدا انه ما زالت هناك مجرات بعيدة و صعبة لم يتوصلوا لها و أنهم أمام 1% من معرفة الفضاء و لازال أمامهم أميال ال 99%.
● علماء الطب : مازال الأطباء يقفون مكتوفي الأيدي امام داء السكري و داء السرطان و الإيدز و امراض القلب و غيرها من الامراض التي يقال عنها مستعصية أو مزمنة؛ ومازال الموت يخطف منهم آلاف المرضى في الدقيقة الواحدة يوميا.
● هذا ان تكلمنا عن الأمراض الباطنة وعذرناهم لخطورتها و لكن المشكلة انه وحتى في مجال الامراض الخارجية !!؟؟ فكل التخصصات تقف مكتوفة الأيدي أمام حالات ساذجة •طب العظام يقف عاجزا أمام أبسط المشاكل مثل عظمة إبهام الرجل (اللوس فالغوس ) أو هشاشة العظام أو الالتهاب المفصلي المزمن وغيرها • طب الأوردة و الشرايين يقف عاجزا أما احتقان الشعيرات الدموية في الساقين وغيرها • طب الجلد يقف عاجزا أمام أبسط أنواع الحكة أو الفطريات او أمراض مثل البرص و البسوريازيس و الاكزيما او الصلع و غيرها • طب النساء و التوليد لازال عاجزا أمام التشوهات الجينية و الخلقية .. •علم النفس يقف عاجزا أمام أبسط أنواع الاكتئاب أو الشيزوفرينيا وغيرها..
• يقف البيولوجيون أمام ايجاد مبيد لاصغر أنواع البعوض . •ويقف الجيولوجيون أمام تخمين هزات الأرض ساعة او ساعتين قبل حدوثها ؛• ويقف الفيزيائيون عاجزين أمام ايجاد طريقة لايقاف الحرائق في الغابات • ويقف جهابذة التعليم في إيجاد طرق تعليمية محببة لطفل لديه صعوبات •و يقف علماء المال و الأعمال أمام دراسات وجداول التداول فهل هم غدا مفلسون ام أثرياء...
هذه أمثلة و لكن تأكدوا أن كل العلوم الانسانية تقف في منتصف الطريق أو أوله و تعترف "ما اوتينا من العلم إلا قليلا" ...
اما النسبيون الذين أعطوا ضمانات ال 99% فليتاكدوا أن هذه النسبة كثيرة جدا و ليراجعوا حساباتهم فقد تكون نسبة ال 1% كثيرة أيضا.
هذا الكلام قلته منذ عامين وها هو كورونا اليوم يفضح كل أنواع العلم.
"و ما أوتيتم من العلم إلا قليلا "
صدق الله العظيم .

"وما أوتيتم من العلم إلا قليلا "
رابط مختصر
23‏/3‏/2020 00:34
أترك تعليقك
1 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء أسرة "الحرية تي في" وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.