صدمتنا التي إليها "كورونا" تجُرُّنا

الحرية تي في - الحرية تي في آخر تحديث : 15‏/3‏/2020 21:02

IMG-20190715-WA0002.jpg (123 KB)

محمد الشمسي

من هذا المخلوق" المارد" الذي يمكنه أن "يعزل" رؤساء وملوك أكبر وأقوى الدول والاقتصاديات؟، من هي هذه القوة" الجسورة" التي تستطيع "قطع" علاقات الدول وإغلاق حدودها؟، ومن هم هؤلاء "الغزاة" الذين يمكنهم "منع" الرحلات وتوقيف الطائرات وشل البورصات والحد من تنقل سكان كوكب الأرض ؟... لو كانت جماعة أو دولة أو نظاما لاستنفرت القوى العسكرية قواها وقواعدها ومقاتلاتها ومخابراتها، ولما انتظرت أمريكا أو روسيا أو أوربا إذنا من الأمم المتحدة ، ولتحركت صوب حدودها وأمطرتها بصواريخ كالمطر.
وحدها كائنات مجهرية تستطيع خلخلة النظام العالمي وقهره ، وتتحدى جبروته وتعري سوءته، وتقدمه مرعوبا مفزوعا مرتعشا وهلوعا مثيرا للشفقة...، وحده "كورونا" وأبناء سلالته من يقوون على جعل ترامب يبلع لسانه، ويهرول نحو الطبيب وقد انقرضت تغريداته وتدويناته العنصرية والمتعجرفة...
مع صدمة "كورونا" يصبح لزاما على البشرية جمعاء أن تدرك أن مصيرها واحد، وأن نزلة برد في الصين سرعان ما تنتشر عدواها في كل القارات، وأن الإنسانية تسوقها الشركات والمصالح غير الإنسانية نحو الهاوية، حين انشغلت بإعلان حروب على بعضها البعض، وحبك الدسائس ضد بعضها البعض، وإنتاج مختلف أصناف الشرور سواء بين الأنظمة والدول أو ما بين النظام وشعبه داخل نفس الدولة، لذلك نلتمس الأعذار للشعوب حين تهافتت على السلع ، مادام التهافت بات عقيدة ونظاما في كوكب الإنسان.
ومع صدمة "كورونا" يتوجب رمي منديل المكائد وإشعال الفتن والحروب، والاهتمام بدلا عن ذلك بالإنسان الذي فرطنا فيه حين جعلنا منه آلة للاستهلاك الأعمى، فوجب تسخير التطور التقني والتكنولوجي لإسعاد هذا الإنسان من حيث القضاء الفوري على المجاعات و الأوبئة والحروب وحل النزاعات بالعدل الإنساني، والاستثمار في المعرفة والبحث العلمي، حتى يكون كوننا كونا مثاليا يعكس سمو الإنسان عن باقي الكائنات بعقله ، كونا يسع الجميع، وليس كونا يتسلط فيه بعض الإنسان على البعض الآخر وكلاهما ولدتهما أمهاتهما أحرارا، حتى يكون كونا لا يُظلم فيه شعب ولا دولة ولا جماعة ولا حزب .
ترغمنا جرثومة "كورونا" على وجوب التيقن من تصميم الطريق الذي تسلكه الإنسانية، ما إن كان يقودها لتحقيق خلافة الله في الأرض، أم يصعد بها نحو أعلى قمة الهاوية قبل الانتحار الكبير، فما جدوى الأسلحة النووية والبيولوجية بأقمارها الاصطناعية، وقد هزمنا مخلوق في حجم ذرة هواء؟...

صدمتنا التي إليها "كورونا" تجُرُّنا
رابط مختصر
15‏/3‏/2020 21:02
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء أسرة "الحرية تي في" وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.