محمد الشمسي
يساءل فيروس كورونا جامعاتنا ومختبراتنا ومعاهدنا المسماة ظلما ب"العلمية"، ما دورها ما لم تقم بالبحث العلمي في زمن السخاء المعلوماتي والرخاء التواصلي؟، أم سندفن موتانا في انتظار وصول أدوية غيرنا، فما لم تتصد تلك الجامعات بمختبراتها للأوبئة فحري بها أن تتحول إلى دور للأيتام فعلى الأقل يصبح للإنفاق على بناياتها معنى...
يساءل فيروس كورونا مستشفياتنا التي هي عاجز عن استيعاب المرضى في الحالات الطبيعية فكيف لها أن تستقبل ضحايا الفواجع والكوارث؟، وهذا يساءل الدولة بحكوماتها وما ترصده من أغلفة مالية للبحث العلمي والبنى الصحية التحتية، وهي التي أضناها انحباس المطر لتسعين يوما، وهي التي تقع فريسة لمسيريبن فاسدين في حجم وشكل الضباع.
يساءل فيروس كورونا رجال الدين الذين ابتلينا بهم في زمن "التسيب الديني"، فيكفوا ألسنتهم عن الزج ب"الغضب الإلهي" انتقاما من ضحايا الفيروس أو المصابين به، فحتى الحيوانات تمرض مرضا يسقط الزغب فيها عن الجلد، فهل ذلك من سوء أفعالها؟، فانتقام الله أجل من أن ترصده الأعين، وأكبر من أن يتجلى في فيروس أو وباء، فليخرس "الأنبياء المزيفون" الذين ينتحلون صفة الله تعالى، فلا شماتة في المرض ولا سخرية من الموت، ومن أعماه الجهل فلا يجهل علينا بجهله...
يساءل فيروس كورونا الناس عامة حول ماذا أعدوا من عدة علمية لمواجهة هذه الجائحة؟، هل يكتفون ب"أدعية الخوف" التي لا تنفع صاحبها ما لم يصاحبها العمل والسبب؟، هل يسقطون في شباك الإعلام المضلل و"البوحاطي" الذي يقتات من الكوارث لترميم شقوق مقروئيته، فلا نكتفي بالاستسلام لأباطيله بل نساعده بإشاعة بهتانه في مجالسنا؟....
يساءل فيروس كورونا إيماننا بالعلم والمعرفة والبحث، فإن لم نكن علماء أمصال كنا على الأقل مرضى من أهل الوعي والعقل والحكمة، فلا ندخل بلدا موبوء ولا نغادر بلدا موبوء.
يساءل فيروس كورونا سلامة قوانا النفسية ومتانتها في مجابهة هكذا مصائب، هل نهاجم الدكاكين فنفرغها من السلع التي نخفيها في اليوم الأسود في انتظار الأسود منه؟، هل نهرب ونعتزل الناس؟، هل نرقد وسط المعقمات؟، أم نتبع سبل الوقاية ونتقيد بها بدون رهبة ولا فزع ، وما بعد ذلك يكون قدرنا المحتوم الذي لا راد له، فلا أحد منا يموت ناقص عمره ، ولا أحد منا يتجاوز أجله ولو بارتداد جفن العين، فالتاريخ يشير إلى أن العالم فقد أكثر من 70 مليون شخصا في 7 سنوات أي بمعدل 10 مليون قتيل في السنة الواحدة، أي بمعدل قرابة 274 قتيل في اليوم، كان هذا من مخلفات الحرب العالمية الثانية ، دون الحديث عن ملايين المفقودين والمعطوبين والمولودين المشوهين...ومع ذلك استمرت الحياة...
لا توجد تعليقات في هذه الصفحة.. كن أنت أول المتفاعلين!