أحمد الحاج علي
- تشبه الأجواء المصاحبة لمرض محمود عباس اليوم تلك الأجواء التي صاحبت سقوط طائرة رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات عام 1992. يومها، تداول بعض المسؤولين في فتح بكيفية دفع رواتب أعضاء الحركة، فاكتشفوا جميعاً أنهم لا يعرفون شيئاً عن الأموال. ولا توجد حسابات مصرفية واضحة. كما هي الحال اليوم، كل السلطات مركّزة بيد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
لا مؤسسات ترعى انتقال السلطة، ولا رجلَ ثانياً معروفاً ليشغل مقعد الرئاسة في حال شغوره. وما نص عليه الدستور الفلسطيني من أن رئيس المجلس التشريعي ينوب في هذه الحال، جرى تجاوزه لأن رئيس المجلس هو عزيز دويك، المنتمي إلى حركة (حماس).
إن عباس يكرر ما شكا منه عام 2003، حين كان رئيساً للوزراء، واعترف يومها بـ"وجود ظواهر خلل في العلاقة الوظيفية بين مؤسسات السلطة الواحدة بين الحكومة والرئاسة وبين السلطة والمنظمة". وحين مسك بالسلطة بعدها بعامين، لم يسعَ إلى تنظيم العلاقة بين هذه المؤسسات، ولم يحسب حساب الانتقال السلس بعده. حتى ما بثّه من وعود ببعض التعيينات خلال انعقاد (المجلس الوطني) لم يفِ بها.
فعل عكس ذلك تماماً؛ فأعلن التصاقه أكثر بالثورة المضادة في البلدان العربية، هاجم الربيع العربي، الذي نقيضُه الاستبداد. فأصبح الحديث عن حالته الصحية "عمالة"، وعن وراثته "خيانة"، هو إعلان مبكر عن وفاة التعددية في المجتمع الفلسطيني.
ولأنه لا احترام لإجراءات قانونية، كان من الطبيعي التنافس المحموم على الرئاسة. جبريل الرجوب يوزّع صوره مع عباس، في إشارة إلى أحقيته في الوراثة. ويجول دحلان على عواصم عربية طالباً الدعم. ويتصل ماجد فرج بأجهزة الأمن في المنطقة عارضاً إنجازاته في قمع المقاومة في الضفة. وجميعهم يرجو دعم واشنطن في هذا الصراع على رئاسة السلطة. لكن أين الناخب الفلسطيني؟ لقد تم تجاوز صوته منذ عام 2006.
لا توجد تعليقات في هذه الصفحة.. كن أنت أول المتفاعلين!