تُعرّف البطالة (بالإنجليزية: Unemployment) بأنّها عدم امتهان المرء لأيّ مهنة، ويمكن القول أنّ البطالة ظاهرة اقتصادية برزت مع تطور الصناعة وازدهارها، وتُعد المُسبب الأساسي للفقر، الأمر الذي جعل من هذه الظاهرة محط اهتمام العديد من الباحثين والعاملين في المجال الاقتصادي والاجتماعي أيضاً.
وهُنا يجدر الذكر أنّ أغلب الدراسات في موضوع البطالة أسفرت عن تعريف البِطالة بأنّها "عدم امتهان أي مهنة وأن من يُعاني من البطالة هو العاطل عن العمل" هو تعريف غير دقيق وغير كافٍ إلى حد ما، فهو تعريف شامل يحتاج إلى تفصيل وتوضيح. حيث إنّه ليس "كل فرد لا يعمل" يمكن القول بأنّه يُعاني من البطالة، فهناك من لا يعمل بسبب قراره الشخصي بعدم الرغبة في العمل، وهناك من لا يعمل لأنه يُعاني من ظروف صحية لا تسمح له بذلك، مثل المرض أو العجز، وهُناك من أصبح في سن التقاعد، وغيرها العديد من الأسباب التي قد تمنع المرء من العمل، ولكي يكون الشخص عاطلاً عن العمل يلزم أن تتوفر فيه عدة شروط وهي شروط البطالة، كأن يكون قادراً على أداء العمل، وأن يكون قد بحث عن فرصة عمل ولم يجد، وأن يكون على أتم الاستعداد للعمل في حال توفره وبالأجر السائد له، وفي حال توفر هذه الشروط في المرء يمكن القول أنه يُعاني من البطالة وهو عاطلٌ عن العمل.
وعليه يمكن القول أن البطالة تُعنى بكل فرد في سنّ العمل ويرغب به ولكنه لا يجده، كما وقد عرّفت منظمة العمل الدولية العاطل عن العمل بأنه أي فرد يقدر على العمل ويبحث عنه ولديه الرغبة فيه كما ويقبل به بالأجر السائد له، وكل ذلك دون جدوى، ويتضح من هذا التعريف أنه ليس كل فرد لا يعمل يُعاني من البطالة ويكون عاطلاً عن العمل، وليس كل فرد يبحث عن عمل ولا يجد يُعاني من البطالة ايضاً.
أنواع البطالة
للبطالة أنواع عدة، منها:
البطالة الدورية: وتعني التوقف بشكل مؤقت عن العمل بسبب الانتقال من وظيفة إلى أخرى، أو بسبب البحث عن وظيفة أخرى، أو لأي سبب آخر مثل متابعة الدراسة وما إلى ذلك، ويرتبط هذا النوع من البطالة بالاقتصاد الحر أو بنشاط الدورات الاقتصادية لدولة ما، حيث يتميز الاقتصاد الحر بفترات الهبوط والصعود، ففي مرحلة الهبوط يحدث انكماش في مستوى الدخل وضعف في توظيف القوى العاملة بعكس ما يحدث في حالة الصعود، وبشكل عام يؤدي هذا النوع من البطالة إلى حدوث ركود في قطاع العمل.
البطالة الاحتكاكية: وهي البطالة الناشئة عن تنقل العاملين بصفة مستمرة بين المناطق أو المهن المختلفة، ويكون السبب الأساسي فيها نقص في المعلومات لدى الباحثين عن العمل ولدى أصحاب العمل أيضاً، أي وجود عدم تناسق واتّساق وصعوبة التواصل بين رب العمل وطالب العمل، فكلما طالت مدة بحث رب العمل عن العاملين طالت مدة التعطل عن العمل بالنسبة للباحث عن العمل وبالتالي نشوء البطالة الاحتكاكية.
البطالة الهيكلية: وهي البطالة التي تنتج عن حدوث تغيرات هيكلية في الاقتصاد الوطني، والتي تؤدي بدورها إلى حدوث عدم تناسق بين فرص العمل المتاحة والخبرات والمؤهلات التي يمتلكها الباحث عن العمل، ويمكن القول أن البطالة الهيكلية قد تنشأ بسبب انخفاض الطلب على نوع معين من العمالة، كما أن عدم التناسق هذا قد يكون ناشئاً بسبب زيادة استخدام التقنيات الحديثة والماكينات والاستغناء عن بعض من القوى العاملة.
البطالة المقنعة: وتتمثل في العمالة غير المُنتجة والمُتكدسة في مكان العمل، والتي يكون سحبها من مكان العمل غير مؤثر على كمية الإنتاج وكفاءة العمل.
البطالة الإجبارية: وهي البطالة الناتجة عن إجبار العامل على ترك العمل، بالرغم من رغبته بالعمل وقدرته عليه وقبوله للأجر المدفوع له مقابله.
البطالة الاختيارية: وهي البطالة الناتجة عن تعطل العامل عن العمل بشكل اختياري، حيث يُقرر هو ذلك لأنه يرغب في البحث عن عمل آخر، أو بسبب السفر أو أي من الأسباب الأخرى التي يُقدِّم تبعاً لها استقالته من عمله.
البطالة الموسمية: وهي البطالة التي تنتج بسبب انخفاض الطلب على القوى العاملة في بعض القطاعات الاقتصادية مثل قطاع الزراعة، و قطاع السياحة وغيرها، حيث يحدث كساد في هذه القطاعات مما يؤدي إلى الاستغناء عن بعض العمالة وفقدان الأفراد لعملهم.
أسباب البطالة
تنجُم البطالة عن أسباب عديدة، منها:
زيادة عدد السكان، حيث يُعتبر هذا أمراً مؤدياً إلى زيادة البطالة، ذلك بالرغم من اعتقاد الباحثين بأن زيادة عدد السكان هو ثروة لا بد من استغلالها.
تدخُّل الدولة في عمل السوق الحر، وخاصة من ناحية ضمان الحد الأدنى لأجور الموظفين، وزيادة الضرائب، حيث إن تخفيض الأجور والضرائب هو ما يضمن تشجيع الاستثمار وتوفير فرص عمل أكثر.
زيادة استخدام الآلات والميكنة، وبالتالي الاستغناء عن عدد كبير من العمال.
توقف أصحاب رؤوس الأموال عن الاستثمار في حال عدم الحصول على الربح الذي يطمحون إليه، وبالتالي عدم توفير فرص عمل إضافية.
وأما عن أسباب زيادة البطالة في الدول العربية بشكل خاص فقد لخصت الدراسات أهمها، ومنها:
إخفاق الخطط الخاصة بالتنمية الاقتصادية في مختلف الدول العربية.
انخفاض الطلب على العمالة العربية سواء كان ذلك في الدول العربية أو في الدول الأجنبية.
نمو قوة العمل العربية بشكل كبير سنوياً.
الآثار الناجمة عن البطالة
ينتج عن البطالة العديد من الآثار المتعلقة بالأحوال الاجتماعية والنفسية والأخلاقية أيضاً، وتعد البطالة سبباً رئيسياً للعديد من الأمراض الاجتماعية في المجتمعات التي تنتشر فيها، حيث إن البطالة لا تعني فقط حرمان الفرد من العمل، وإنما حرمانه من أن يشعر بأنه ذو جدوى وفائدة في المجتمع، كما يشعر العاطل عن العمل بعدم الرضا عن نفسه، كما ويشعر بالعجز وعدم الكفاءة لأداء أي عمل، الأمر الذي يخلق له مشاكل نفسية كثيرة، قد تؤدي به إلى الانحراف وسلوك السبل المُخلة بالأخلاق والمنافية للآداب العامة.
وقد تؤدي البطالة إلى هجرة العديد من أصحاب الكفاءات للبحث عن فرص عمل، كما قد يحمل العاطل عن العمل العديد من الأفكار التي يؤدي نشرها إلى تدمير المجتمع، كما وتُضعف البطالة ولاء وانتماء العاطلين عن العمل لوطنهم، لظن العاطل عن العمل أن الوطن الذي ينتمي إليه لا يقدر على توفير فرصة عمل له كمصدرٍ للعيش الكريم، وتُدمر البطالة العلاقات الأسرية، كما وتجعل الشباب يعزفون عن فكرة الزواج، وتزيد من معدلات الجريمة، والجدير بالذكر أنه لا تختلف الآثار الناجمة عن البطالة على الذكور وخاصة الشباب منه عن الإناث.
لا توجد تعليقات في هذه الصفحة.. كن أنت أول المتفاعلين!