محمد الشمسي
لم يكن نادي أولمبيك آسفي في حاجة لتقنية"الفار"، أو في حاجة لفوز في قلب ميدانه، لكي يقلب الطاولة على نادي من حجم الترجي التونسي صاحب الباع الكروي، فالمسفيون شدوا الرحال إلى رادس وفي حوزتهم تعادل إيجابي يقصيهم من المسابقة إذا ما تعادلوا سلبا هناك، طموح القرش قابله كثير من التراخي والترهل و التقليل من قيمته في عيون أهل الترجي، فكان للملعب كلام آخر لا يزال شعب"دولة الترجي" يفك طلاسيمه، بعد أن أقصى المسفيون الترجيين في عقر الدار، ليؤكوا لهم أن "الفريق اللي تحكرو يقصيك".
وقد لوحظ عزوف جماهير الترجي عن لقاء ناديهم، ربما "لصغر حجم الفريق الخصم"، فهو فريق مغمور في عالم الكبار، ولا يحتاج تجاوزه لكثير من الجماهير ، وأن الفريق سيتأهل "بمن حضر"، لكن ما وقع لا يزال هوله يحوم حول ملعب رادس، فهو فوز "نقي من الشوائب"، بعيد عن "التباكي"، المسؤولية فيه تقع على عاتق "الركابي".
في الجهة الأخرى استباح فريق الوداد شباك غريمه الرجاء برباعية، اعتقد معها "وداد الأمة" أنهم "قطعوا الواد ونشفو رجليهم"، وبقي "الرجاء العالمي" يقاوم ويكابر متحملا ضغطا رهيبا متسللا إليه من المدرجات، ليتمكن في آخر أنفاس المباراة من هز شباك التكناوتي بالهدف الثامن في مباراة نتيجتها قريبة من نتائج كرة اليد، معلنا عن ضرب سرب من العصافير بهدف واحد، التأهيل إلى ثمن كأس العرب للأندية، والتشفي في غريمه الوداد الذي لم يصدق أنصاره ذلك السيناريو الهيتشكوكي، ثم استغلال إقصاء الترجي بما يفسح له المجال للانقضاض على السبعة ملايير مكافأة هذه الكأس غير المصنفة عالميا.
وكانت جماهير الوداد والرجاء وكعادتها تبدع في المدرجات، حتى أن العين لتتوق إلى الاستمتاع بتلك اللوحات الفنية التي يرسمها المتفرجون أكثر من انجذابها لما يجري في المستطيل المعشوشب، وإذا كانت الوداد قد استغفلت الرجاء في أربعة مناسبات خضخضت فيها شباك الرجاء، وكادت تزيد، فإن ثلاثة عوامل ساهمت في التحدي الرجاوي، أولها طموح اللاعبين وعدم استسلامهم، وثانيها انشراح الوداديين واعتقادهم بالتأهل، وثالثهما الكثير من الحظ و"الزهر الكروي"، الذي يفسره المحللون أنه ما يُخرج كرة القدم من عالم علم المنطق والحساب، ويجعلها طريقا بلا علامات تشوير.
هنيئا للقرش المسفيوي بسباحته الحرة الصائبة في السواحل التونسية، وهنيئا للرجاء بتسلقه الدرجات نحو لقب عربي فيه كثير من المال، في زمن باتت فيه الرياضة تقوم وجودا وعدما على "المادة" وعلى" الحبة"، وعلى الوداد جر محرك الفريق إلى أقرب مرمم لعله يصلح ما فسد فيه.
صدقت كلام في الصميم و كلام هادف