محمد بلفول
أخي منعم،
لقد قرأت تدوينتك التي تفاعلت فيها مع تصريح الأخ محمد بن مسعود عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية للعدل والإحسان وكاتب عام قطاعها النقابي، الذي نشرته جريدة أخبار اليوم حول الموقف من الجبهة الاجتماعية.
ووددت صادقا، أن يكون مقدمة لنقاش هادئ يلامس جوهر القضية، ويفتح نقاشا جادا على جميع المواقف دون خطوط حمراء، ولا أحكام مسبقة، في احترام متبادل وقبول بالرأي الآخر.
ولكنني وقفت مندهشا لكيل الاتهامات التي بنيت عليها تدوينتك، وسيل الغمز والهمز واللمز الذي رميت به الأخ بن مسعود تصريحا لا تلميحا ولا تأويلا.
وأستسمحك في أن أقف معك على نزر يسير منها، والذي بنيته أساسا على " ويل للمصلين"، وعلى بتر مخل، واقتباس غير أمين، واستدلال مبتور :
أولى الملاحظات : ادعاؤك أن الأخ بن مسعود قد جرح مكونات الجبهة الاجتماعية. ولكنني لما عدت إلى تصريحه وجدته أشار صراحة إلى"حرية الناس في اتخاذ مبادراتهم"، وإلى أن هناك "بعض" الأطراف المعروفة بمواقفها الإقصائية، ولم يعمم. والتبعيض في لغة العرب نفي للتعميم، وإخراج لجزء من كل، وتمييز لقلة من كثرة، ولا شك في أن ما أشار إليه الأخ أثبتته العديد من الحالات والمبادرات التي سعى فيها هذا "البعض" إلى إقصاء الجماعة، والوقوف سدا منيعا أمام أية مبادرة تجميعية خادمة لقضايا الوطن. وأدعوك أخي إلى مراجعة خفيفة لملف الجبهة الوطنية للدفاع عن التعليم العمومي، التي كانت الجماعة عضوا فيها، وبقدرة قادر تم الالتفاف عليها وتجميدها، رغم ما قدمته في وقت وجيز جدا من حركية وفاعلية، ليتم تشكيل ائتلاف آخر دون مسوغ، وتميز بإقصاء الجماعة، وإن كان الثمن قضايا الوطن والمواطنين. ثم راجع الجبهة الوطنية للاسمير، و ماذا وقع في تأسيسها.
وأكتفي بهذين المثالين فقط ...
ثاني الملاحظات : قلت إن الرسالة المبطنة التي حملها تعليق د. بن مسعود هي : تمني مرضي، حيث اجتمعت النرجسية والتنجيم، في رسالة مبطنة، عنوانها "أنا وحدي نضوي البلاد.
ولكني لما عدت لتعليق د. بن مسعود وجدته قال بالحرف : "ولا يمكن أن نتوقع ضغطا حقيقيا في ملف معتقلي الريف على سبيل المثال يؤدي إلى انفراج ما في غياب تكتل تتمثل فيه جل الهيآت والشخصيات، والقول ذاته ينسحب على الملفات الاجتماعية الحارقة."
فبالله عليك! أين قرأت النرجسية ؟ وتاريخ الجماعة شاهد على مدها للأيادي وقبولها بالآخر، واصطفافها جنب الشرفاء والفضلاء وتذكيرها في كل وقت وحين، إن هذا الوطن لا يمكن لأي طرف كيفما كانت قوته وحجمه أن ينفرد بحل مشاكله.
وأنت خير شاهد على شكل حضور الجماعة في حركة 20 فبراير بالبيضاء دون أن تقصي أحدا أو تتبجح بعدد ولا عدة منضبطة مع قرارت الجموع العامة رافعة للشعارات المتفق عليه دون أي توظيف أو استغلال لطرح قضاياها الخاصة.
ثالث الملاحظات : ادعيت أن الأخ بن مسعود وصف المبادرة بالمخزنية. لما عدت مرة أخرى إلى تصريحه وجدته يشير إلى تخوفه من استثمار المخزن للمبادرة، وشتان بين أن يصفك بابن دار المخزن وبين أن ينتقد تصرفا لك قد يستفيد منه المخزن ويوظفه، وكم وظف المخزن من صراعات سياسية لشرفاء الوطن لزرع الفتنة وتفريق الصف.
والدليل العملي الواقعي شاهد أن الجماعة وإلى حدود الأسبوع الماضي هي في تجاوب تام مع العديد من المحطات التي يشارك فيها طيف مختلف من الهيآت والتنظيمات دون أن تجرح أحدا ولا أن تتهم أحدا والمسيرات الوطينة شاهدة لنا لا علينا.
رابع الملاحظات : ادعيت أن الأخ بن مسعود قد اعتبر عملية تجميع القوى المناضلة النظيفة بالمغرب، مناورة التوائية، وتصريح الأخ بنمسعود واضح جلي لا التواء فيه إذ قال بالحرف : ورفض الأشكال التسكينية والمناوارات الالتوائية التي يقوم بها البعض عن وعي أو غير وعي.
وهو يشير للبعض وقد ذكرت سابقا في الملاحظة الأولى عن معنى البعض ومن المقصود منها.
خامسا : أخي منعم لقد وظفت مصطلحات بعيدة كل البعد عن قاموس النقاش السياسي الرزين والتي تحمل بين طياتها عبارات استهزاء وتحقير من أمثلة : تمني مرضي -- الأتباع وأتباع الأتباع--- حتى قبل أن يظهر الحيوان المنوي لفكرة القومة --- المرشد الناصح -- أن يعطيك دروسا في أدب الحوار وغيرها مما لا يليق بك البتة أن توظفها ولا ان تستدعيها ومما لا يمكن لي أبدا ان أرد بأمثلتها ولا بأشابهها.
ختاما : أخي منعم أذكرك أن الجماعة لم تستعدي يوما أحدا عليها ولم ترفع راية حرب على خصم أبدا، وهي حريصة كل الحرص على مد الأيادي والقبول بالعمل المشترك لما فيه خير البلاد والعباد، ولكنها وبالمقابل تحتفظ لنفسها بحقها الطبيعي والمبدئي في الدفاع عن اختياراتها بكل أدب ولباقة ولياقة لازمة .
إن الوطن اليوم يمر من مرحلة عصيبة جوهرها الزحف على الحقوق ونهب الثروات والمقدرات وشراء الذمم وحصار الفضلاء وتكميم الأفواه. وهو في حاجة ماسة لمبادرات وحدوية قادرة على تعبئة شاملة توحد الجهود وتضاعف المبادرات وتنوع الأشكال، والتي لا يمكن البتة تحقيقها بنبرة متعالية ولا بخطاب إقصائي ولا بأنانية مستعلية تنسى أو تتناسى حساسية اللحظة و إكراهاتها.
وكما ختمت تدوينتك أختمها بدوري قائلا : اعذر حدة لساني فهو صادق.
لا توجد تعليقات في هذه الصفحة.. كن أنت أول المتفاعلين!