مع الأسف يواصل جزء من النخبة العَلمانية (يسارية وليبرالية وغير منتمية...) جهودها الحثيثة في تنميط وقولبة المجتمع والوصاية على رغبات الناس وميولاتهم، لتؤكد حاجتها الملحة إلى المزيد من الرشد والنضج والانفتاح والقبول بالآخر.
كان الاتهام، وما يزال، دائما متجها نحو الإسلاميين، جاهزا ومعروفا وحتى مضحكا، تخويفا من فرض قناعاتهم على الناس (إكراه النساء على ارتداء الحجاب، ومنع الموسيقى....)، وفحصا لقدرتهم على التعايش والقبول بالتعدد وصوغ مجتمع منفتح بعيد عن الانغلاق في شكل ونموذج أحادي.
جاء "الربيع العربي" فأعاد ترتيب الوضع كَشفا للحقائق المَخفية تحت مسوح الديمقراطية، ومساءلة لرافعي دعاوى التعايش والتسامح والاختلاف؛ حتى رأينا بأم أعيننا "الديمقراطي" -الذي صدّع رؤوسنا بالحريات والحقوق- يمتطي ظهر الدبابة متغنّيا، وهو يسلم البلد للعسكري، "تسلم الأيادي"، أو مُلمّعا صورة القاتل المدمر لبلده بدعوى صراعات جيواستراتيجية لا يفقه فيها العوام شيئا.
أدرك أن كلامي مجروح، إذ أدافع عن قبيلتي "الإسلامية" وأسائل الآخر العلماني، لكن أمام كل منصف موضوعي الوقائع المتكررة والمتعددة على مدار السنوات الماضية، والتي تقول إن كان الجميع في حاجة ماسة إلى الرشد والترقي في سُلّم التعايش فالنخبة العَلمانية حَاجتها أقوى وأولى.
لا توجد تعليقات في هذه الصفحة.. كن أنت أول المتفاعلين!