شبه عبد اللطيف اللعبي، الشاعر المغربي، ما يحدث في الريف وجرادة بأعمال ترجع إلى سنوات الرصاص، وأضاف أن المغرب "يعرف مشكلا حقيقيا هو أن الناس لا يقرؤون، رغم أنه يجب أن نقرأ، نقرأ، ونقرأ"، فق تعبيره.
وفي سياق حديثه بالمعهد الفرنسي بالقنيطرة، مساء الخميس، ذكر اللعبي أن المغاربة استعمرت أرواحهم، واسترسل موضحا أننا "بالدارجة لا يمكن أن نتكلم دون أن نستحضر اسم الله ثلاث مرات"، مضيفا أن "للدين مجاله، وأن هناك استعمارا ثقافيا وإيديولوجيا للدارجة من قبل البعض الذين يرون أن طريقة تعبيرهم هي التي يجب أن تكون".
واستحضر المتحدث في السياق نفسه ذكرياته مع أمه في أربعينيات القرن الماضي قائلا: "كانت أمي تعبر بالدارجة، وكانت عندنا لغة رائعة قادرة على التعبير عن كل شيء دون استعارة من لغات أخرى".
ووصف اللعبي دارجة اليوم بـ"الفقيرة جدا"، وزاد: "أبي كان يتحدث مع أمي بطريقة أخرى، لكن تصحرت هذه اللغة وذهبت"، متسائلا باستنكار: "كيف يمكننا أن نفكر بدارجة اليوم بحرية حول الحب؟".
وفي سياق آخر قال الشاعر الحاصل على الغونكور: "اللغة العربية الكلاسيكية ولغتي الأم أو الأب الدارجة تكونان حاضرتين عندما أكتب بالفرنسية"، مضيفا أن ترجمة كتاباته إلى العربية تحت إشرافه أكثر أهمية من ترجمتها إلى لغات أخرى بالنسبة له، وأن نقل نصوصه إلى العربية يخلق عنده "إحساسا بالرضا".
"اللغة العربية تم اختصارها بالنسبة لبعض الناس في العالم في كلمتي "الله أكبر""، يقول اللعبي، موضحا أن سبب حديثه في ما يقرب من ثلث عروضه بالفرنسية باللغة العربية هدفه أن تكون هذه الأخيرة حاضرة، وزاد أن اللغة الفرنسية بالنسبة إليه "مكتسب" وليست "غنيمة حرب كما قال كاتب ياسين"؛ لأن الكتاب المغاربيين "لم يختاروا الكتابة بالفرنسية بل كانت مفروضة عليهم".
اللقاء الذي ألقى فيه اللعبي بعضا من شعره غير المنشور بعد باللغتين العربية والفرنسية، تحدث فيه أيضا عن حال الشعر "الذي ينسحب من الساحة الثقافية العمومية في ما نطلق عليه العالم العربي"، وذكر أن "لشباب إذا أرادوا أن يؤسسوا مشوارا أدبيا فيجب عليهم أن يتوجهوا إلى الرواية، رغم أن الشعر رافق آمالا كبيرة لهذه المجتمعات؛ فقبل 15 سنة حضر الآلاف ليستمعوا إلى محمود درويش عندما جاء إلى المغرب، إلى حد أن الناس ضربتهم الشرطة لمنعهم من دخول القاعات المكتظة".
وحمل عبد اللطيف اللعبي جزءا من مسؤولية ابتعاد الشعر عن اهتمامات الجماهير العربية والعالمية لـ"حركات شعرية في الخمسينيات والستينيات أبعدت الشعر عن العموم"، مضيفا أن هذه التوجهات الشعرية الغربية "كان شعرها لا يتم حتى طرح سؤال المعنى عليه".
وفي السياق نفسه أعلن اللعبي نهاية مرحلة الشعراء الكبار في العالم العربي، كمحمود درويش وسميح القاسم ونزار قباني، مضيفا أنه "ليس هناك الآن إلا أدونيس وسعدي يوسف".
وأوضح الشاعر المغربي أن "الموت الخاص" للطفل السوري إيلان، الذي وجد مرميا على شاطئ أحد البحار التركية، "يرمز لكل الدراما السورية، كما يرمز إلى عدم قدرتي، عدم قدرتكم، وعدم قدرتنا، لأن هذا أمرٌ صادم يُفرض علينا وعلى إحساسنا"، مضيفا في إحدى القصائد التي ألقاها على مسامع الحضور أنه "لا يسامح نفسه لأنه لم يكتب عن الطفل السوري إيلان عندما كان يجب أن يكتب عنه؛ فهو طفل ثلاث سنوات لم يتعلم بعد السباحة، ينام على شقه الأيمن، ليذهب إلى حديقة عالم آخر وأم أخرى، ليصل هذه السنة إلى الحضانة".
وعالج عبد اللطيف اللعبي مجموعة من القضايا العربية والعالمية في أبياته، متسائلا: "بدل ذبح كبش عند ولادة طفل لماذا لا نغرس شجرة؟"، متمنيا في بيوت شعرية أخرى أن يستيقظ وهو يتكلم كل لغات العالم، وأن يترجم كتاب "أنا والله" لجاكلين آكمان إلى العربية ويصبح من الكتب الأكثر مبيعا في العالم العربي، كما تمنى أن يقنع سيزيف بأنه كان ضحية خطأ قضائي.
الديوان الجديد للعبي، الذي سيرى النور في شهر ماي المقبل، تساءل فيه الشاعر كذلك عن سبب حاجته إلى أن يُسْلم روحه رغم أنها ملكه، وتحدث فيه عن المرأة الوحيدة التي قادَهُ حبها في بعض الأحيان إلى أن يجد نفسه الرجل الوحيد في جناح ملابس النساء، وعن النقاشات التي تُثار حول ذكورية اللغة الفرنسية، كما أعلن فيه أنه يشهد "أن لا إنسان إلا الذي يرتعش قلبه لكل إخوته في الإنسانية"، وأن الإنسانية سعي إلى الحرية والسلام والكرامة، ومحاربة للكراهية، وتساؤل يومي حول ما الذي يجب فعله "كي لا أفقد صفتي، واعتزازي بكوني إنسانا؟".
لا توجد تعليقات في هذه الصفحة.. كن أنت أول المتفاعلين!