"وا علا من تقرا زابورك آ جطو"

الحرية تي في - الحرية تي في آخر تحديث : 13‏/10‏/2019 10:40

20190619_110549.png (296 KB)

محمد الشمسي

أنهى قضاة جطو تقريرهم السنوي ، كان تقريرا أسودا كسابقيه من التقارير ، ولم يكن صادما لأن الأصل في الإدارة العمومية المغربية أنها معرضة للنهب والاختلاس والتبذير الى أن يثبت العكس ، وُضع تقرير هذه السنة فوق تقرير السنة المنصرمة ، لا ربط مسؤولية بالمحاسبة ولا ربط محاسبة بالمسؤولية ، بل هناك من ربط الاثنين معا بحبل المجهول، ربما هنئ كل ذي مغنمة بما غنم ، و"الصكع بقا بلاش" ، وما لم يتم ترتيب الأثر القانوني على مضمون تقرير قضاة جطو فإن نفقات إعداد ذلك التقرير وأجور القضاة الذين أعدوه ، ستنضاف إلى المال المنهوب والمسلوب من شعب عرف أين ذهب جزء كبير من خيراته بعد تلك التقارير .
هناك وزراء يعتقدون أنهم "سلتو" بجرائمهم التي وقف التقرير عندها ،لمجرد أنهم نزلوا من قطار الحكومة ، وهناك وزراء تحصنوا في قلاع وزاراتهم الجديدة القديمة من قبضة القانون وهذا تقرير جطو يعري سوءاتهم ويكتبهم في سجلات التاريخ بأنهم مجرد "لصوص وقطاع طرق" ، وهناك مسئولون ورؤساء هيئات عمومية لا يزال التقرير يشكل لهم كابوسا ، فما إن يغمضون الجفون حتى يظهر لهم "بوغطاط" يحمل "الكلبشات" ويسوقهم إلى الجناح 4 في سجن عكاشة .
لكن ما الجدوى من ذلك التقرير ما لم تتبعه إحالة على القضاء؟، هناك من يقول أن إحالة التقرير على القضاء ليس من مهام المجلس الأعلى للحسابات ، وهناك من يقول أن تقارير مجلس جطو إنما هي لاعتبارات سياسية وليست لاعتبارات قضائية وتحقيقية بحثة ، وهناك من يقول أن تلك التقارير لها غايات أخرى لا يعلمها إلا أهل السياسة وباقي أفراد الشعب قالوا آمنا ، لكن من حيث القانون الذي بات مستضعفا في هذا الوطن ، أقول إن دور النيابة العامة بعد اطلاعها على هذا التقرير أن تصدر تعليماتها إلى الضابطة القضائية المختصة بفتح تحقيق في جميع الشبهات التي وردت في تقرير جطو ، وإلا اعتبرت في عداد المخالفين للقانون بل وأشد ، فتحريك الدعوى العمومية من مهام الوكيل العام للملك ، وهو ينتمي لسلطة مستقلة ولا تعنيه دهاليز السياسة وحسابات السياسيين في شيء ، كما إنها مسؤولية الأحزاب والنقابات والجمعيات التي تعنى بالشأن العام ، وبحماية المالية العمومية على الخصوص، لترفع شكايات إلى النيابة العامة ضد كل من ثبت تورطه في جرائم التبديد والاختلاس .
أخشى ما أخشاه أن نقوم من حيث لا ندري بالتطبيع مع اختلاس المال العام ، ونحن نفعل ذلك منذ مدة ، فالأحكام القضائية التي تصدر في ملفات نهب المال العام تقضي في مجملها بعقوبات موقوفة التنفيذ رغم انها تشكل جنايات ، ويمثل المتهمون أمام هيئات المحاكم في حالة سراح ، وحتى في منطوق الحكم لا أثر لأي مصادرة لممتلكات من ثبت تورطه ، ولا منعه من تقلد وظيفة عامة ، بل إن تلك الأحكام تفتح للمتهمين صفحة بيضاء ناصعة ، وهم بتلك الأحكام يضفون الشرعية على ما اختلسوه ، ويخرجون من المحاكمات كما ولدتهم أمهاتهم ، ليس "عريانين " بل بلا ذنوب وبلا تبعات ، وأخشى ما أخشاه أن يصبح نهب المال العام في قائمة "أبغض الحلال"، ونحن نكتفي بوصف اللص باللص لكن دون اعتقاله ومحاكمته محاكمة تليق ببشاعة وفظاعة الفعل الشنيع الذي اقترفه المتهم ، فليس أقبح من سرقة أحلام أمة .
وإلى أن يجد تقرير جطو لنفسه رجع الصدى بين المؤسسات المختصة ، وإلى أن يرينا التاريخ في سراق ثروة الشعب يوما عبوسا قمطريرا ، نهمس في أذن جطو بالقول "على من تقرا زابروك عفوا تقريرك آ جطو " ، فإن كان اللصوص نعاجا فالقوانين ذئابا ، و"النعجة ما ينفعها مع الذيب تبعبيع " ، ولا هروبا داخل حقيبة وزارية .

"وا علا من تقرا زابورك آ جطو"
رابط مختصر
13‏/10‏/2019 10:40
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء أسرة "الحرية تي في" وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.