عزالدين بلبلاج
_ شهد المغرب خلال اﻷيام القليلة الماضية "26-21 أبريل 2018 " حركة احتجاجية قوية عبر وسائل التواصل اﻹجتماعي بعد حركة 20 فبراير 2011 التي اندلعت شرارتها لمحاربة الفساد والمفسدين، سرعان ما تفاعل معها الجالس على العرش بخطاب 9 مارس ونتج عنها تغيير الدستور المغربي وإجراء إنتخابات سابقة ﻷوانها لتكرس بذلك انتصارا للمطالب الشعبية التي ناضلت من أجلها الجماهير.
واليوم عاد الشعب المغربي للإحتجاج بطريقة حضارية، و دونما نزول للشارع هذه المرة، من خلال مقاطعة 3 منتوجات تعتبر أساسية عند المغاربة " حليب سنطرال، ماء سيدي علي، بنزين افريقيا"، عبر وسائل التواصل اﻹجتماعي "فايسبوك، واتساب..." ولقيت انتشارا وتفاعلا واسعا من طرف مختلف الطبقات اﻹجتماعية سواء الفقيرة أو المتوسطة، لتعطي إشارة للحكومة وللشركات أن الشعب المغربي وصل بالفعل للوعي المجتمعي الذي يستحق من خلاله التعامل بمصداقية وحزم وروح وطنية مع مطالبه اﻹجتماعية التي ترتكز على ثلاث مبادىء أساسية " الحرية ، الكرامة، العدالة اﻹجتماعية". من أجل بناء الديمقراطية المجتمعية على أسس حقة والمتمثلة في العيش الكريم، تعليم حقيقي ذو جودة عالية، وصحة وفق شروط معقولة، وبمعدات حديثة وليست معدلة أو عاطلة أو من صنع مرتب في خانة يرمى بعد الإستعمال.
ومن خلال القراءة الميدانية لحملة " مقاطعون " نجد أنها استهدفت ثلاث شركات محددة دون باقي الشركات التي لها نفس المنتوج وبنفس الثمن تقريبا، مما يجعلنا نطرح التساؤل : هل هي حملة مبنية على وعي مجتمعي ، أم أنها تصفية حسابات سياسية بين جهتين داخل الدولة المغربية؟
لعل مما لا يترك مجال للشك أن هذه الحملة بها رائحة التصفيات السياسية خصوصا الخروج اﻹعلامي للسيد محمد بوسعيد وزير المالية الذي وصف المغاربة المقاطعون ب" المداوييخ" في إشارة إلى زعيم حزب العدالة والتنمية السيد عبد اﻹله بنكيران الذي اشتهر بهذه الكلمة مع شبيبة حزبه، وبعض من أنصاره، هذا التصريح لوزير في حكومة انتخبها المواطن المغربي يعتبر غير أخلاقي وغير مسؤول من وزير المفترض فيه أنه " موظف حكومي" يتقاضى أجره من أموال دافعي الضرائب ووجب عليه الدفاع عن مطالب الشعب وليس الدفاع عن شركة رئيس حزبه عزيز أخنوش ، مما يطرح السؤال هل هي حرب بين حزب التجمع الوطني للأحرار وشبيبة العدالة والتنمية ؟
فإذا كانت بالفعل حرب وهذا ما يوحي به الواقع ، فكيف يمكن لهذه الحكومة الغير متجانسة أن تخدم مصالح الشعب المغربي؟، ولنفترض أن هذه الحملة كبدة شركة الحليب "سنطرال" خسائر مادية ليست بالهيينة فهذا لا يشفع للسيد " عادل بنكيران" مدير مشتريات إنتاج الحليب سنطرال دانون" بوصف المقاطعة بخيانة الوطن، نحن نتفق على أن هذه الشركة تحمل صفة الشركة المواطنة وتسعى للنهوض بأوضاع الفلاحين ولكن ليس هكذا " تورد اﻹبل يا عادل " فكرامة المغاربة أكبر بكثير من شركة الحليب سنطرال ، لذلك لسنا في حاجة لكي تعلمنا كيف نكون وطنيين .
إن هذه الحملة التي أعتبرها انتصارا للمطالب الشعبية بما حققته وستحققه في فرض أثمنة معقولة للمنتجات اﻹستهلاكية في إطار الموازنة مع السوق الدولية والدخل الفردي للمواطن المغربي، وجب عدم اﻹنسياق بها سياسيا لكي لاتكون مزايدة بين اﻷطياف المتحكمة في اﻹقتصاد الوطني على حساب مصلحة المواطن، إلا أننا كمجتمع واعي وجب علينا إذا أردنا أن نقاطع ونحتج بطريقة سلمية مقاطعة جميع الشركات التي لها نفس المنتوج وبنفس الثمن وليس شركات بعينها ، ﻷنه سيساهم في أرباح شركات أخرى لا نعلم مصدرها ولا الجهة الرابحة من ورائها أو الممولة لها، فالمغاربة ليسوا لعبة شطرنج بين أيدي السياسيين أو الرأسماليين يفعلوا بهم ما أرادو، ﻷنه بالفعل المواطن المغربي يعاني من ارتفاع مصاريف العيش " الصحة ، التعليم ، الماء والكهرباء، ...." في ظل تنامي البطالة وغياب فرص الشغل ومحدودية الدخل الشهري، مما يجعل المواطن بين مطرقة غلاء المعيشة وسندان الديون، ومحاولة الموازنة بين حاجياته اﻷساسية ، وهنا نعود لدور الحكومة التي لم نرى منها أي إضافة ملموسة منذ تنصيبها إلى يومنا هذا، مما يدفعنا إلى طرح التساؤل: أي دور لحكومة السيد سعد الدين العثماني في الحد من معاناة المغاربة تجاه حاجياتهم اليومية ؟ وهل للحكومة برنامج عمل حقيقي ، أم هي حكومة تصريف اﻷعمال ؟
بصراحة ودون مزايدات منذ تنصيب هذه الحكومة لم نرى منها إلا اﻹحتجاجات والتراجعات والمظاهرات " الريف، الصويرة، والماس، جرادة ...." في غياب أي برنامج اصلاحي يهدف للنهوض بالحياة العامة للمواطن.
وختاما أقول للشعب المغربي تشبث باﻹحتجاج السلمي وقاطع جميع المنتوجات التي ترى بأنها فوق طاقتك ولا تحترم شروط المنافسة الشريفة، فسيأتي يوم تتحقق فيه المطالب المبنية على أسس حقيقية ونضال مبدئي ومجتمعي حر .
لا توجد تعليقات في هذه الصفحة.. كن أنت أول المتفاعلين!