محمد الشمسي
لم يعثر ولن يعثر سعد الدين العثماني على الأطر المؤهلة التي يمكنها إسعاف الشلل النصفي الذي انتاب حكومته، فحكومة العثماني تعطل نصفها عن الإنتاج، وفقط نصفها الثاني يعمل لتحصيل الرواتب والتمتع بخيرات الأمة، لماذا عجز العثماني عن إيجاد قوارب النجاة التي تنقذ سفينته من الغرق ؟، السبب الأول يكمن في العثماني نفسه، فالرجل ليس كفئا ولا مؤهلا ولا متمرسا، هو فقط رمته أمواج الانتخابات بالغلط في ساحل رئاسة الحكومة، العثماني كان قدرا مثل "توحيمة "، وهو عديم السوابق في التدبير والتسيير والتنسيق والمسؤولية التي ترتبط بالإبداع والطموح والحكمة والنجاعة؛
العثماني صدق عليه القول "من العيادة لرئاسة الحكومة" وليس من "لحمارة لطيارة" احتراما للرجل ومكانته العلمية فهو طبيب نفساني، ثم إن الرجل الفقيه سبق وحمل حقيبة الخارجية لكنه أوتي كتابه بشماله ولم يقل يا ليتني لم أوت كتابيه .
لن يجد العثماني إطارا ولا كفاءة في "كاراجات الأحزاب" التي تحيط به، ولا حتى في تلك الخارجة عن فُلكِه ، الكفاءات كفرت بالأحزاب ، والأحزاب أقصت الكفاءات، الأحزاب المغربية مختطفة من طرف قوم غير ديمقراطيين، يحتلونها و يسيجونها ويخندقونها، ثم يعمدون إلى إنزالات أسرية وعائلية في كل أركانها ، حتى إذا شعروا بانقلاب عليهم فخخوا الحزب قبل نسفه وتشطيره، هؤلاء لا فرق لديهم بين الحزب والشركة ، فكلاهما ينتج المال، لكن ريع الحزب أهنأ وأريح فهو بعيد عن عيون إدارة الضرائب، وهو بلا كثير تعب أو مشقة، لذلك غضب "مالين الأحزاب" عندما وصلتهم أخبار عن إمكانية الاستغناء عن خدماتهم البئيسة، واستبدالهم بحكومة من "كفاءات التقنوقراط أو رجال الأعمال"، فخرجوا يبكون ويتباكون، مختفين خلف ستار الديمقراطية، ومضامين الدستور، وضرورة إشراك الأحزاب في التسيير، واحترام الإرادة الشعبية، وهلم "تبوحيطا"، من المبررات المضللة التي يرمون من ورائها الى الدفاع عن "لوزيعة"، فلو كانوا فعلا ينتصرون للديمقراطية والتشاركية لما أمضوا كل أعمارهم في رئاسة أحزابهم حتى إذا بلغوا من الكبر عتيا عينوا المقربين مكانهم ، ولو كانوا تشاركيين كما يزعمون لما استفردوا بالقرارات وجعلوا باقي المنخرطين مجرد أعداد يملئون بها كراسي مؤتمراتهم، ولو كان فيهم ذرة من الشفافية لما سلموا تزكياتهم الانتخابية لأصحاب الشكارة والبيع والشراء ، الذين يحولون العملية الاقتراعية إلى رحبة تخضع لقانون العرض والطلب ، مستغلين فقر الناس وجهلهم ويأسهم.
تشير بعض الأخبار أن العثماني سيخفض أعداد وزراء حكومته من الأربعين إلى قرابة العشرين أو أكثر من ذلك بقليل، لعلها خطوة سديدة في اتجاه ترشيد النفقات العمومية، فالوزراء "مخدامينش مخدامينش " على الأقل يكون عددهم قليلا، حتى لا يعلفوا كل الثروة، وصدق الفيلسوف فولتير يوما عندما وصله أن ملك فرنسا عمد إلى بيع أجود الأحصنة لتغطية العجز المالي للقصر، فعلق على ذلك بالقول ساخرا " كان عليهم تسريح قطعان الخيل التي تتجول في أرجاء القصر ".
عموما فالتعديل الحكومي بما يرافقه من أخبار لا يرجى منه خيرا، لأن نفس المقادير تعطي نفس الوجبة، ولأن الفعل السياسي الحزبي بات عاقرا وثكلا عن إنجاب البارعين الرشداء المدبرين، بقدرما بات متخصصا في لفظ وتقيء الخداعين الدجالين الغشاشين أهل الفتن والمكر، ممن يرفعون الديمقراطية شعارا لكنهم مناشير مسننة تقطع أوصال الديمقراطية قطعا ليستدفئون بها في مداخن فيلاتهم الفاخرة، لذلك كل اقتسام للسلطة مع هذه العينة لن تكون إلا قسمة ضيزى وتعني جائرة وظالمة وعوجاء وناقصة .
لا توجد تعليقات في هذه الصفحة.. كن أنت أول المتفاعلين!