سعيد بوزردة
- يكاد يجمع حزب الحمامة، على أن حملة المقاطعة لثلاث منتوجات كبرى بالمغرب من بينها شركة أفريقيا لمالكها الملياردير رئيس الحزب، هي صنيعة تدبير سياسي من طرف شبيبة العدالة والتنمية الموالين للأمين العام السابق للحزب عبد الالاه بنكيران، وأشاع أعضاء من التجمع الوطني للأحرار، تبعا لذلك، خبر أن قيادة الحزب ستلتقي لتدارس الموقف وانعكاساته على التحالف الحكومي مع حزب المصباح.
ومن جانب آخر، فإن موقف شباب المصباح لم يتوضح بعد، خصوصا وأن اتهامات حزب الحمامة كانت واضحة فيما يمكن تسميته ب "البلوكاج المضاد" الذي يمارسه بنكيران غذاة عودته بقوة داخل مؤسسات الجزب مع تنامي المعارضة والاحباط من رئيس الحكومة والأمين العام الجديد للحزب سعد الدين العثماني.
إشارات حزب الحمامة المتهمة للمصباح، والجزم بأن فكرة المقاطعة نوقشت داخل مجموعات فيسبوكية مغلقة يسيرها شباب المصباح، قبل أن تخرج للعلن، أمر كاف للقول بتسييسها، وتوجيهها لتصفية خصوص سياسية من باب التضييق على نشاطهم التجاري والمهني.
ومن جانب آخر لم تلتحق أية من جمعيات حماية المستهلكين بالحملة، ورفض رئيس الجامعة الوطنية لحماية وتوجيه المستهلك، دخول تنظيمه في اتخاذ موقف تجاه حملة المقاطعة، التي استهدفت ثلاث شركات، وينتظر أن تتوسع لتشمل عددا آخر من المنتوجات الاستهلاكية. واعتبر في تصريح خص به بعض وسائل الإعلام أن الجامعة المعنية بحماية المستهلك لن تنخرط في هذه المقاطعة، مضيفا أن الجامعة لن تسقط في فخ مناصرة حملة تجهل من يقف وراءها والجهات التي أطلقتها".
وأضاف ذات المتحدث أن الجامعة نأت بنفسها عن تحمل هذه المسؤولية، وأنها لن تمنح الفرصة وتتحمل مسؤولية مناصرة هذه المقاطعة تخوفا من أن تكون حسابات سياسية وراءها أو منافسة غير شريفة في إطار صراع الشركات الكبرى، مسجلا أن الجامعة مقرة بأن الأسعار مرتفعة في عدد من المواد الاستهلاكية، لكن لن تسمح "بأن يؤكل الثوم بفمها"، مستغربا من اقتصار الحملة على مواد وشركات بعينها دون أخرى.
الحقيقة الجلية، أنه لا أحد يستطيع أن ينفي غلاء الأسعار، وضعف القدرة الشرائية بالمغرب، وأن المتحكمون في القوت اليومي للطبقات الشعبية قد تجاوزوا كل الحدود، ولكن السؤال يظل محيرا لماذا اختارت الحملة شركات بعينها دون غيرها، وما هي معايير الحسم بأن شركة مثل "سنطرال" في شكلها الجديد هي واحدة من المتحكمين في تجارة وإنتاج الحليب ومشتقاته، علما أنها اشترت أسهم ذات الشركة متكبدة خسارات مهولة، واعتمدت مشروعا وطنيا للنهوض بالحليب المغربي يقوم أساسا على الاقتراب من الفلاح ودعم قدراته، مع ما شكل ذلك من إحراج كبير لشركات منافسة منها القديمة والحديثة، وكيف استطاع محركوا الحملة أن يعتبروا منتوج "سيدي علي" منتوجا شعبيا، والحال أنه منتوج نخبوي، باعتباره ماءا معذنيا له مستهلكيه الخاصيين مقارنة مع منتوج معذني آخر هو "سيدي حرازم"، وهما مصنفان في خانة غير خانة " ماء المائدة" كالباهية مثلا وغيرها؟
لا يكاد أحد يقبل اتهام حزب الحمامة بشكل كلي أو ينفيه، مالم يتحقق اليقين بأن منتوجات "شركة أفريقيا" "غير المعلبة" لا يمكن عرضها وبيعها سوى بمحطات أفريقيا، وأنه لا توجد أية إمكانية لبيع النتوج بطريقة أو بأخرى بشركات صديقة أو تابعة أو متعاقدة، مع شركة مؤهلة لأن تصبح الموزع رقم واحد بالمغرب؟
ولكن الأكيد أن من حرك الحملة ابتداءا، كان مستحضرا أن المستهدف الأول من المقاطعة مع اقتراب " ربيع تجارة الحليب ومشتقاته" الذي يصادف شهور شعبان ورمضان وجزءا مهما من شهر شوال، لارتباط هذه الشهور بأيام الصيام، وانتعاشة هذه التجارة، هو شركة سنطرال وليس غيرها، وهو ما يطرح أكثر من تساؤل، لماذا كلما اقترب موعد رمضان إلا وخلقت أزمة شراء حليب سنطرال " في شكلها وحلتها الجديدة" سواء من الداخل أو الخارج، ومن يكون المستفيد الأول من تراجع مبيعات حليب سنطرال، ولصالح من ؟
اطلعت عبر صفحات الفيسبوك على صورة فريدة غذاة الحملة لمحلبة معلق عليها ورقة مكتوبة بأسلوب بسيط، مفادها أن صاحب المحل يرفض حليب سنطرال. انتابني شعور غريب لسببين: أولهما أن الثلاجات الموضوعة بالمحلبة هي أساسا في ملكية سنطرال، مما يعني أن هذه المحلبة تستفيذ من هذه الشركة دون غيرها،ولا أحد أدرج أية إضافة نوعية على هذه المحلبة غيرها، وثانيهما، كيف لرجل بأسلوب ركيك جدا ربما لمستوى الثالث ابتدائي أن يكون من أوائل المتفاعلين مع حملة بدأت عشية الليلة السابقة، إن لم يكن قد أقنعه بشكل مباشر زائر يعتاد التعامل معه، أو قريب منه كفاية.؟
نعم المقاطعة هي سلاح المستهلك الضعيف، وأنا مع المقاطة أولا وأخيرا، ولكن أن تكون مقاطعة واضحة ومسؤولة، ففي الوقت الذي كانت فيه حملة المقاطعة في الجزائر ناجحة جدا ومحرجة للنظام الجزائري، متخدة شعارا واضحا ضد غلاء السكن ومضاربة كبريات الشركات العقارية الشبه عمومية والعمومية منها على الخصوص، في حق المواطن في السكن اللائق مع احترام تام لدخلة وقدراته الشرائية، تبنوا رسالة وشعارا واضحا، هو " خليها تريب" بمعنى خلي العمارات تبور ولا يشتريها أحد حتى تنهار.
ولكن أصدقائنا بالمغرب اختاروا للمقاطعة شعار"خليه يروب"، وهو شعار منذ الوهلة الأولى يظهر بكونه لا يعني " ماء سيدي علي" ولا " كازوال أخنوش" وإنما لن يروب إلا " حليب سنطرال"..، فهل هي مجرد مصادفات، أم أن الحملة كانت موجهة..؟
أنا عادة من محبي الشاي، ولا أشرب الحليب إلا ناذرا، ولا أستعمل كازوال أفريقيا مطلقا، ولست ميسورا لدرجة العيش بماء سيدي علي المعذني، ولا أدافع عن أحد...
أنا فقط أريد أن أفهم.
ربما هذه المقاطعة يكون من وراءها هدف سياسي لكن في كل الاحوال هي في صالح المواطن المغربي الضعيف