إلى المتلهفين لمعاقبة مقاطعي الانتخابات : أتجبروننا على شهادة الزور؟

الحرية تي في - الحرية تي في آخر تحديث : 16‏/9‏/2019 11:30

 

20190619_110549.png (296 KB)

محمد الشمسي

مع اقتراب "موسم للّا الانتخابات" ، وخوفا من أن ينكشف ما تبقى من سوءاتهم اقترح بعض المتحزبين تشريع قانون يجبر المواطنين البالغين سن التصويت على التسجيل في القوائم الانتخابية، وعلى المشاركة في الاقتراع،تحت طائلة قصفهم بنص قانوني ، منهم من يريده فتاكا مدمرا يصل مداه إلى السجن ، ومنهم من اكتفي بالمطالبة بضرب الجيب بعقوبة مالية.
ومعلوم أن التصويت الإجباري ليس اختراعا مغربيا،فهناك دول مثل الأرجنتين واستراليا و البرازيل واللوكسمبورغ و الأوروغواي و سنغافورة وغيرها تعمل بنظام التصويت الإجباري وتعتبره عاملا محفزا على المشاركة في الحياة السياسية ، مادام رفع نسبة المشاركة يمنح للمؤسسات المنتخبة مصداقية ، لكن معلوم كذلك أن الدول التي اختارت التصويت الإجباري هي على رؤوس الأصابع وما دونها اختارت التصويت الاختياري والإرادي، وقد انداعت نيران كثيرة ما بين أهل التصويت الاختياري وقبيلة التصويت الإجباري يطول شرحها .
ولنبقى في مغربنا ونؤكد أن مشاركة المواطن في الحياة السياسية واجبة عليه ، لكن لا يمكن اختزال المشاركة في الحياة السياسية في عملية الاقتراع أو التصويت التي يعرفها المغرب مرة كل خمس سنوات، فتلك مجرد وجه من وجوه الحياة السياسية المتعددة،فثمة أكثر من شكل للعمل السياسي ، فالفعل الجمعوي أو النقابي أو الفني أو الرياضي أو الثقافي أو الأدبي هي صور للمشاركة السياسية ،ومن يبحث عن شرعية في الانتخابات عليه العمل لتحقيقها على أرض الواقع في تواصله الدائم والمتواتر مع الكتلة الناخبة وإقناعها بمشروعه بعيدا عن الدجل السياسي ،وليس أن يسن قانونا يسوق بواسطته الناخبين مثل قطعان الحمير نحو صناديق الاقتراع ويخيرهم بين "التصويت أو الحبس ولخطية "،فهذا سلوك يسلب عملية الاقتراع روحها وفلسفتها، ويحولها إلى محاكمات في عهد "محاكم التفتيش"، ثم إن هناك مواطنون يهجرون العمل السياسي في المضاجع،ويكرهونه كره الفئران للقطط ، ويجهلون مساربه وطرقه،وسيكون من الغصب جرهم نحو صناديق الاقتراع جرا وبالقانون،ودفعهم إلى الانخراط في عملية لا يفقهون فيها شيئا ، فإذا ما شاركوا خوفا من العقوبات فلن يمنحوا للاقتراع نفسا أو قيمة مضافة،ولن يكتبوا للأحزاب المرتعشة من جيش المقاطعين شرعية ، بقدرما سيقومون ب"الصواب خوفا من العقاب"، وتبقى لعنة الشرعية تلاحق من لا يحوزها.
وقد أثارتني إحدى خطب صلاة الجمعة في ذات سنة حين خطب الخطيب يومها يوصي الناس بتوخي الحذر عند المشاركة في العلمية الانتخابية ، وذلك بالتصويت على الأصلح و الأقوم للمنطقة أو الدائرة وليس على الصديق أو ولد لبلاد أو مول الشكارة ، وأضاف الخطيب أن التصويت شهادة من المصوت في المنتخب بأنه رجل فاضل صادق نزيه كفء قادر،فليحذر أحدكم أن يشهد الزور ويزكي الفاجر الخائن الكاذب السيئ الكسول، فيفرضه على المنطقة وأهلها ويجر عليهم بلاء عظيما( انتهى حديث الخطيب ) .
فإذا كان كل هؤلاء المرشحين الذين استأجروا ضحكات صفراء ، وطبعوا صورهم المضللة في أوراق باهتة، كتبوا عليها برامج هم أنفسهم لم يقرؤوها ولا يؤمنون بها ، واستعانوا لقضاء "حاجتهم" بالسماسرة ، هم ما جادت علينا به سيول تلك الانتخابات في أيام الحملات، و" عاهوما اللي في السوق "، فإن المقاطعة هاهنا تتجاوز حدود الموقف السياسي ، وتصبح فرض عين على كل مواطن يحب هذا الوطن أن يقاطعها ويحض الناس على مقاطعتها حتى لا يثقب مركب الوطن أو يمزق شراعه ، لأن المتبارين يعوزهم الإخلاص والأمانة والصدق لهذا الوطن والشعب ، وأنهم عصابة من الأفاكين الخونة الحاقدين على وطنهم والمتربصين به ، يريدون سرقته من أهله ، ويريدون جر أهله إلى صناديق الاقتراع ليحرروا لهم تنازلا عن نصيبهم في وطنهم ، لتبقى المشاركة في الانتخابات شهادة والشهادة تحتاج إلى شهامة والشهامة تفرض علينا ألا ننعت اللئيم بالكريم، وألا نحول أجسادنا إلى سلالم يتسلق عليها من لن يرحمنا ولن يرحم الوطن معنا .

إلى المتلهفين لمعاقبة مقاطعي الانتخابات : أتجبروننا على شهادة الزور؟
رابط مختصر
16‏/9‏/2019 11:30
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء أسرة "الحرية تي في" وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.