سعيد بوزردة -
يعود تاريخ هذه التدوينة لقبيل الاستحقاقات التشريعية الأخيرة، وكانت مناسبتها الاستغراب حول التحول من موقف حزبي لآخر نقيضا له بدون سبب باستثناء عوامل التعرية والترويض السياسيين، ويبدو اليوم أن الاستغراب قد زال والرؤيا قد اتضحت للجميع، وبدأ تصنيف المجتمع "لحفنة نحل" تلهت وراء عسل/ ريع المشاركة المنغمسة، و "شواري ذبان" يفضل النضال الشعبي الواضح من أجل مستقبل الحرية والعدل والكرامة، دون تصيد "محطات الاستمراق"؛
لا شيء تغير بين قبيل موعد الاستحقاق التشريعي ليوم 07 اكتوبر 2016، بعدما قاطعنا دستور 2011 والاستحقاقات التي تلته سواء تشريعية او محلية، وما نحن نعيشه الآن خلال الثلث الأخير من سنة 2018، وكنت يومها تنبهت فإذا باصدقاء كانوا منسجمين مع المقاطعة وأصبحوا منسجمين مع المشاركة، ولسان حالي يقول ؛ حيرت قلبي معاك .." ماذا تغير في المغرب .. حتى ينتقل الحب من الحب الاول لعشاق المجتمع !!! نضالا من أجل الحرية والعدل والكرامة، ومجتمع الرفاه، إلى حب ثاني لعباد دار المخزن، حيث يمارسون طقوس الحب الجديد .......، وكلهم أمل في مستقبل الرفاه والبنين ..... لا مستقبل مجتمع الرفاه.
كنت تأملت كثيرا، وتبينت أنك عندما تعيش الحب الأول، تناضل من أجل تلك المثل، وتتنفس بؤس المقهورين، وأنين المظلومين، وفاقة المنهوبة أرزاقهم والمهضومة ثرواتهم، والمجروحة كرامتهم والمغتصبة عزتهم والمشنوق كبريائهم، أولئك المحكومة أحلامهم بالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة، حتى تحررهم ثورة العدل والكرامة والحرية....... وتوجه أصابع الاتهام مباشرة ل ..... محرك الفساد والاستبداد ......
وما تلبث أن تحركك هواجس حب الدنيا، والغيرة من سعة عيش العياشة .....، وعدم القدرة على التنافسية في مواجهة ..... النعامسية، وصعوبة الصبر على مبدأ ..... في مجتمع لم يشبع ويحقق ضرورات العيش التي تسبق المبدأ، ففي أذن الجائع لا يسمع إلا صوت الخبز. فلا تتمالك نفسك والعمر يجري بك، والالقاب قد تزيدك قيمة وترفع من رجاحة فكرتك وتجعلك مسموعا ومطلوبا ومرغوبا فيك " السيفي تيعمررر"، ففي انتظار أن يشبع الشعب ويبحث عن المبدأ، لا طائل من الانتظار، ويمكن الاصلاح من الداخل، ولن تكون المحاولة فاشلة كما فشلت محاولات كثيرة سابقة،
ثم ياتيك وسواس المخزن الخناس في صورة مناضل يخرج عليك من القمقم كما لم تعرفه قبلا (خرج من رونداتو) ليؤكد لك ان كل محاولات سابقيك كانت تحمل اسباب فشلها في ذاتها....، وفي بقاء الكرسي فارغا سيعمر عليه عدوك طويلا (الحديث هنا عن ..... ماشي العدو .....) وسيستفيذ العدو من بناء قواعد وجنبات وحواشي وسيحاصر فكرك ومشروعك المجتمعي .....، وهي التخريجة المتينة في كل عمليات الترويض الناجحة، يدعمها ديسك " انا ماشي فحالهم" وفي لحظة يتحول الحب من الحبيب الاول الى الحبيب الثاني؛
أعود لاقول بأن الحب الثاني، ولع في الموجود بدار المخزن العتيد القوي المعطاء الجريء، وليس فيه من عيب سوى انه يكرس النخبوية والاحتكار والتحكم والفردانية، والريع وخدام الدولة........
بل إن المخزن يحمل في بنائه معالم التقدمية، ولا يحتاج الا شيئا من الروية لوضعه على سكة الديمقراطية، وهو ما يدعو لبذل جهد خلال عملية الاصلاح من الداخل، فمثلا استعمال الزرواطة كوسيلة للاسكات، تجد جذورها في الفكر السوفياتي المتقدم انذاك والذي اعتمد قاعدة " العنف اداة إقناع"، وحتى مبدأ التقية / الغدر فهو محبوب لدى ذات المدرسة،فأول ما تقوم به الثورة، والحملة هو تصفية أعداء الثورة بل وحتى المداويخ أبناء الحملة يكونون ضحايا مبدأ تصفية أعداء الثورة.
أن يشتد الولع والحب الثاني حتى البوح سبابا في الذباب، والشعب المتخلف، والمناضلين من فصيلة العدميين، ليبعث على الاستغراب، فإذا كانت خرجات 2016 مرتبطة ب "تمريقة" الاستحقاقات الحقيقية لحظتها، فأي تمريقة هي التي نحن بصددها، خصوصا وأن الوضع مكهرب واحتقان ملف الريف يطفو على السطح، وحملة المقاطعة تهيمن على الوضع؟
نعم هناك تمريقة محتملة، أفرزتها على الخصوص حملة المقاطعة التي تحولت من حركة "عفوية" للشعب، إلى لعبة تحركها خلفيات الحزب، وتتغدى على الوضع المكهرب لملف معتقلي الريف، هذا الأخير الذي وظف في البلوكاج الحكومي الأول بنجاح، ووظف في تقزيم تيار داخل حزب التراكتور بنجاح أكبر، واليوم يوظف الحزب ؛ الحزب هنا مفهوم عام قد يظم أكثر من حزب؛ التفاعل مع المقاطعة وحماسة المتضامنين مع حراك الريف، لبحث سبل فرض انتخابات سابقة لأوانها خلال 2019 وفرض تغيير حكومي جذري قد تفرزه الصناديق بإرادتها أو ضدا في إرادتها، فأن تصل طاطا وحلفاءها للأغلبية الحكومية فهي الديمقراطية الحقيقية في مجتمع متخلف، وشعب يمثله فضاء التواصل الإجتماعي بكل وسائل شراء "البارطاج" و"جيم" و "الكومنت"...
لا شيء تغير في المغرب إلى حدود 2018، سوى أنك عندما تنادي بأن الدعوة لتحميل الحكومة ؛أية حكومة؛ المسؤولية، هو فكر قاصر عن ملامسة ربط مبدأ المسؤولية بالمحاسبة، ومبدأ الممارسة السياسية الشفافة، ومبدأ حق الشعب في التوعية المتأسسة على قدسية الحق في المعلومة، ستكون أكبر عدمي ومنافق ومتخلف وزعيم من زعماء ذباب شواري 2018؛
لا تستغرب إذا رأيت الأحداث بين عينيك غير واضحة كفاية أيها الذباب المغضوب عليه، فإن الحب الثاني يكون أعمى؛
نعم إنه الحب الثاني، وميزته أنه ياتي بعد الزواج الأول من زوج ثاني جد ثري (مسك عليه الله) ورغم عيوبه وطيشه ستعمل الزوجة جاهدة على إصلاح حاله، وهو أحسن من الزوج الأول المعدم الذي لا يملك قوت يومه، فصلاحه لا هو أشبع زوجته ولا هو متعها بمتع الحياة، فتطلقت منه للشقاق..
ففي كل العالم يقولون " ما الحب إلا للحبيب الأول" إلا الحب السياسي على منهج النضال المغربي الموحد فيقول" ما الحب إلا للحبيب الثاني" فالحب الاول فأر تجارب.
نسيت أن أجيب عن السؤال: ماذا تغير في مغرب 2018 حتى يتحول المحبون من الحب الأول للحب الثاني.... ؟؟؟
ام كلثوم الرائعة تقول لهم " العيب فيكم ... يا فحبايبك...أما الحب .. اما الحب يا روحي عليه يااااا روحي علييييييه."
هنيئا لكم بالحب تحت السباط.
#عدمي_من_فصيلة_الذباب_و_افتخر
ملاحظة: تجد في التدوينة إشارات (.....) للرقابة الذاتية، راه الانسان مبقاش عارف معامن تيدوي، غدا بنادم يحب ويفضحنا.
لا توجد تعليقات في هذه الصفحة.. كن أنت أول المتفاعلين!