خالد البكاري
- وأخيرا عانقت ناصر الزفزافي؛
كانت لحظة إنسانية فوق كل الاعتبارات السياسية أو التضامنية،، بوناصر استثنائي يفرض هيبته على الجميع،، أفرد ذراعيه حتى قبل ان اصل عنده: اهلا بوخالد.. هكذا ناداني متحببا.. يرحب بي متعاليا على محنته.. قبلها كان في عناق حار مع خالتي عالية أم رفيقه في النضال والمحنة نبيل أحمجيق في غياب والديه.. سيأتي زمن اتمناه قريبا لأحكي الحكاية كلها التي كانت خاتمتها قوله: طمنونا دوما عليكم... لكن لا بأس من أن اروي لكم ثلاث لحظات من المحاكمة بالأمس تبين قوة الرجل وردود فعله الذكية:
اللحظة الأولى: حين سأله القاضي عن غياب الأعلام الوطنية في احتجاجات الحراك، هنا أشهر ناصر صورة لوقفة احتجاجية للقضاة بالرباط حين منعوا من عقد المؤتمر التأسيسي لنادي القضاة قائلا: "هذه صورة شكل احتجاجي للقضاة بدون ترخيص وبدون اعلام وطنية.." .. لينتفض ممثل النيابة العامة خصوصا انه من مؤسسي نادي قضاة المغرب،، وليخرج من هذه الورطة قال: لم نوجه تهمة عدم رفع العلم الوطني لناصر ولا لأي احد من المتهمين،ولا توجد اصلا هذه التهمة في القانون،، لم "يعطله" ناصر (بالدارجة) ورد عليه مشهرا فقرات من محاضر الفرقة الوطنية ومن قرار الإحالة لقاضي التحقيق التي تتضمن اسئلة وملاحظات حول غياب العلم الوطني .. وليردف ناصر بعدها بذكاء: "ومع ذلك فالعلم الوطني مشترك وطني ومن العيب المزايدة به وتوظيفه لتصفية حسابات مع المعارضين والمحتجين" فبهت الذي وظف هذه الورقة البليدة لشيطنة الحراك.
اللحظة الثانية: سأله القاضي عن بعض مظاهر التميز التي تحيط به كاستقباله بالورود والحليب في بعض التظاهرات، ووجود حراس شخصيين له.. ليجيب بوناصر: "لم اكن اعلم اننا وصلنا لمحاكمة الورود!!! لقد استلمت ورودا ووزعتها بعد ذلك على الحاضرين.. لأنه في الوقت الذي كانت مناطق من العالم يوزعون فيها البنادق والقنابل والأحقاد،كنا نوزع الورود والمحبة" .. وبخصوص الحراس الشخصيين ذكر ناصر ان فريق دفاعه يتوفر على فيديوهات تتضمن تهديدات له بالقتل، ومن بينها تهديد المدعو مامون الدريبي،كما يتوفرون على فيديو لشخص بالناضور هجم على ناصر بسيف، وبالتالي يقول ناصر:"لو كانت النيابة العامة تقوم بعملها،وحركت المتابعات ضد هؤلاء لما اضطر اصدقائي للتطوع من اجل حمايتي".. النيابة العامة ردت بانها لم تتلق أي شكاية من ناصر حتى تحرك المتابعة ضد من هددوه بالقتل.. فرد ناصر ومحاموه بسرعة أن القانون يلزم النيابة العامة بالتحرك حين تكون التهديدات علنية ،فما بالك بتهديدات بثت على الراديو وكانت منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي وكتبت عنها الصحافة..
اللحظة الثالثة: عرض القاضي فيديو يوثق لأحداث مهاجمة ملثمين لإقامة يقطن بها رجال شرطة بإمزورن.. فعلق ناصر انه غير معني بهذه الأحداث التي لم يشارك فيها ولم يدع لها وأدانها في الحين،وطلب عرض فيديو لحوار صحفي له مع الأصريحي يتضمن موقفه.. وبذكاء سأل ناصر القاضي: "سيدي القاضي في الفيديو مشاهد خطيرة تهدد السلامة الجسدية لرجال الامن، ولا يوجد حسب ما رأينا سوى اعداد قليلة من المهاجمين الملثمين، فلم لم يعط الأمر لرجال الشرطة باستعمال السلاح الوظيفي وحياتهم كانت مهددة؟ ولماذا لم يتم استقدام جحافل القوات الأمنية التي كانت معسكرة في المنطقة بالآلاف؟ هل هناك من له المصلحة في ان يحدث ما حدث؟ من هم؟ وما غايتهم؟".. لم يملك القاضي سوى ان يقول: المحكمة هي من تسأل، ولا يجوز استنطاقها..
ب،س: قال ناصر:" لقد جئتم بنا للبيضاء لتعمقوا معاناة اسرنا.. فكانت نقمة في طيها نعمة، بأن يسر الله لنا هذه النخبة النيرة من المحامين، وليسخر الله لنا متابعة صحافية لم تكن لتتوفر لنا في الحسيمة، وقيض الله لنا اسرا جديدة".. وهو ما اكده باقي المعتقلين برفع الشارات، وخصوصا نبيل احمجيق الذي كان أكثر تأكيدا لكلام بوناصر وتأثرا به..
إنقلب السحر على الساحر وصار المعتقلين هم من يحاكمون ويحرجون الدولة المغربية بحكم مرافعاتهم التاريخية والقوية