قال الخبير العسكري الإسرائيلي يوآف ليمور، إن "إسرائيل بعد 15 عاما من الانسحاب من قطاع غزة، فإنها حتى اليوم، لا تعرف ما الذي تريده من غزة، بدليل استمرار الجدل الدائر طوال تلك السنوات حول ما إذا كان الانسحاب من غزة ساهم في حفظ أمنها أم أضر به، ما حوّله في النهاية إلى نقاش سياسي حزبي".
وأضاف ليمور، في مقاله بصحيفة "إسرائيل اليوم"، أن "معارضي الانسحاب مقتنعون بأن الخطوة أضعفت إسرائيل، وأظهرت عملية إخلاء المستوطنين من جانب واحد في خريف 2005 أن إسرائيل خضعت للضغوط والعنف، وقد تشجع هذه العملية المزيد من الانسحابات تحت الضغوط ذاتها".
وأشار ليمور، وثيق الصلة بالمؤسسة العسكرية، إلى أن "مؤيدي الانسحاب مقتنعون بأنه عزز أمن إسرائيل بالفعل، وبدلا من استثمار القوات العسكرية الزائدة في المهام اليائسة، فإنها تحارب اليوم فقط من أجل ما هو ضروري لأمنها، واليوم بعد مرور كل هذه السنوات يمكن القول إن هؤلاء وهؤلاء يحملون الرأي الصواب والخطأ في الوقت نفسه".
وشرح قائلا إن "أي إسرائيلي يعتقد أنه يجب على اليهود الاستقرار في أي نقطة في إسرائيل لن يفهم منطق فك الارتباط، ومن رأوا في البقاء في غزة عبئا سياسيا وأمنيا لن يفهموا أبدا ما يجب أن يبحث عنه عشرة آلاف إسرائيلي على الأقل بين مليوني فلسطيني في القطاع، لكن ذلك لم يلغ فرضية أن الإسرائيليين نظروا للتراجع والانسحاب على أنه هروب أمام الفلسطينيين".
وأكد أن "محاولة النظر للأمور بموضوعية، إن أمكن، ستعرض الصورة التالية، فبغض النظر عن القرار السياسي نفسه، فقد جاء قرار فك الارتباط إشكاليا، ليس فقط بسبب التحرك الفعلي لإخراج المستوطنين من منازلهم من قوات الجيش الإسرائيلي، والمعاملة الفاشلة لمن تم إجلاؤهم، لكن القرار نفسه بالانسحاب من جانب واحد كرر ما كان قبل خمس سنوات في لبنان في صيف 2000، حين شكل الانسحاب هروبا".
وأوضح أن "انسحاب غزة أظهر إسرائيل كمن أعطت المناطق التي انسحبت منها مجانا، لكنها لم تحصل على شيء، بل تلقت حماس، وقد استغلت حريتها للمسارعة بقدراتها العسكرية، مع أنها أطلقت الصواريخ الأولى من غزة أوائل 2001، وحققت الاختراق في إنتاج الصواريخ من خلال التدفق شبه الحر للخبراء والأسلحة من سيناء إلى القطاع، وهو ما حدث حتى عندما احتفظ الجيش بطريق فيلادلفيا الذي كان موطنا للأنفاق".
وأضاف أن "القوة العسكرية لحماس ليست سوى جانب واحد من آثار الانسحاب، ففي الوقت نفسه، أصبحت الحركة صاحبة السيادة في غزة، والمسؤولة عن الحياة اليومية ورفاهية سكانها، وباقي شؤون الماء والكهرباء والصرف الصحي والصحة والتوظيف، وفي واقع غزة أكثر مناطق العالم كثافة يعتبر هذا عبئا ثقيلا على حماس".
وأشار إلى أن "إسرائيل ليست معفاة من الفشل في حقبة ما بعد فك الارتباط، فالتعهد الفوري بأن أي انتهاك لسيادتها من غزة سيواجه بردة فعل قاسية سرعان ما تحول كلمات فارغة، حتى أن اختطاف غلعاد شاليط انتهى بعد خمس سنوات بصفقة تبادل أسرى مثيرة للجدل شجعت على المزيد من عمليات الاختطاف، وفي العموم لم تتحسن السياسة الإسرائيلية منذ ذلك الحين، لأن إسرائيل في الواقع لم تحدد أبدا ما تريده من غزة".
وأوضح أن "كل الحلول الإسرائيلية المقدمة لمواجهة معضلة غزة حملت دائما وجهة نظر وأبعادا تكتيكية، ولم تكن هناك أي محاولة حقيقية لتحديد المصالح الإسرائيلية في غزة، والسعي لتحقيقها، والنتيجة أن إسرائيل ساهمت بإخراج السلطة الفلسطينية من غزة، ما أسفر عن تعزيز قوة حماس".
وختم بالقول إنه "حتى عندما أرادت إسرائيل العمل ضد حماس، فإنها لم تسع جاهدة للتوصل إلى قرار ضدها، وفي الوقت الذي بدأت بالتصرف، فإنها حدت من حركتها بشدة، وجاءت النتيجة دائما جزئية، واليوم في غياب السياسة لا يوجد سبب لافتراض أن السلوك الإسرائيلي المستقبلي سينتهي بشكل مختلف عن السابق".
المصدر : عربي 21
لا توجد تعليقات في هذه الصفحة.. كن أنت أول المتفاعلين!