نظم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، يوم الأربعاء 22 يناير 2020 بمقره الرباط، ورشة لتقديم مضامين رأيه حول السياسة العقارية بالمغرب والذي يحمل عنوان “العقار في المغرب: رافعة أساسية من أجل تحقيق التنمية المستدامة والإدماج الاجتماعي”
وقد تم إنجاز هذا التقرير، الذي تمت المصادقة عليه بالأغلبية خلال الدورة 105 العادية للجمعية العامة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بطلب من السيد رئيس من أجل إعداد دراسة يقترح فيها المجلس رؤيته بشأن بلورة استراتيجية وطنية جديدة للسياسة العقارية بتنسيق العمل مع وكالة “حساب تحدي الألفية- المغرب”.
وإذ يُقِر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بالإصلاحات والمبادرات التي اتخذتها بلادنا في هذا المجال، فإنه يسجل غياب إطار استراتيجي مشترك، لضمان تجانس السياسات العمومية ذات الصلة بقطاع العقار وتوجيهها بشكل فعال. ويُعزى ذلك إلى أسباب متعددة تتعلق بالأساس بتعدد المتدخلين المعنيين، وتنوع الأنظمة القانونية المنظِّمة للعقار وغياب آليات تنسيق لامركزية في مجال العقار.
ونتيجة لذلك، تشكَّل تدريجيا لدى المواطنين شعور بعدم الإنصاف حيال هذه المقتضيات. كما يتكرس هذا الشعور جرَّاء منطق المضاربات الذي يسود في بعض المعاملات ومكامن الضعف المسجلة على مستوى تنزيل السياسات العمومية ذات الصلة بالعقار، وذلك في ضوء متطلبات تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لبلادنا.
وعليه، ينبغي العمل على وضع استراتيجية شاملة ومتعددة الأبعاد والقطاعات في مجال العقار، بما يجعل العقار يستجيب لحاجيات تحصين الملكية العقارية، وتقنين المعاملات العقارية، وتحسين نظام المعلومات العقارية.
وتحقيقًا لهذه الغاية ، يقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي 78 إجراء منظم حول أربعة توجهات استراتيجية من أجل تحديث الإطار العام المنظِّم لمجال العقار، مع الحرص على الحفاظ على التوازنات التي يقوم عليها.
يروم التوجه الأول تهيئة مجالات حضرية متحررة من أي قيود تحول دون تحقيق التنمية، ومستقطبة للاستثمار المنتِج وتوفر سكناً يكفل شروط العيش الكريم ويكون متاحاً للجميع.
يسعى التوجه الثاني إلى إرساء إصلاح تدريجي للنظام الخاص بالأراضي الجماعية يكفل الحقوق الفردية والجماعية، ويحد من الإكراهات التي تعيق التنمية القروية، مع الحرص على أخذ متطلبات الاستدامة البيئية بعين الاعتبار.
يهدف التوجه الثالث إلى إرساء إطار قانوني ينظم قطاع العقار في شموليته، ويضمن تحصين حقوق الملكية مع مراعاة الخصوصيات والأدوار المنوطة بكل نظام من الأنظمة العقارية.
يروم التوجه الرابع، إرساء حكامة عقارية فعالة وناجعة تتوفر على إطار للتدبير وأدوات قادرة على الاستجابة للطلبات المتغيرة.
ومن بين التدابير المقترحة في هذا الصدد، نذكر ما يلي:
تعزيز وتوحيد الإطار القانوني المنظِّم للعقار، من خلال إحداث “مدونة عقارية”، على غرار “مدونة التجارة”.
تفعيل الإطار القانوني الذي ينص على إحداث سجل وطني للأملاك العقارية يغطي مجموع التراب الوطني، إلى جانب السجل القانوني المتعلق بالأراضي المحفَّظة مع العمل على وضع سجل عقاري شامل يتضمن كافة المعلومات الضرورية من أجل إرساء تدبير ناجع للرصيد العقاري.
إقرار وضمان حماية مختلف الحقوق العقارية المكتسبة بكيفية مشروعة لكنها قد تكون غير مطابقة للقانون، أو هي معاملات غير نظامية، كما هو الشأن بالنسبة للحقوق المستمدة من الأنظمة التي تتمتع بحماية منصوص عليها بموجب القانون.
ملاءمة نظام الأراضي الفلاحية مع مقتضيات مدونة الحقوق العينية، من خلال الاعتراف بالحقوق العقارية الموسعة لتشمل مبدأ الاستغلال الهادئ وغير المتنازع بشأنه أو الانتفاع الدائم على أساس الوضعية المجزأة للعقار، وتعريف الحقوق المرتبطة بالعقار (الكراء، التفويت، المعاوضة…).
سن إطار ضريبي ملائم ومتطور قائم على التناسب، يرتكز على معلومات متاحة للجميع وشفافة، وذلك من أجل التصدي للمضاربة، مع التفكير في إمكانية استحداث ضريبة تستهدف الممتلكات غير المنتجة للثروة.
ومن أجل تيسير أسباب النجاح لعملية إصلاح السياسة العقارية للبلاد يتعين تحديد التدابير ذات الأولوية، من خلال التركيز في المقام الأول على “التدابير ذات الوقع الإيجابي على المدى القصير”، مع الحرص على انتهاج مقاربة على المدى الطويل، بما يُمكِّن من جعل العقار رافعة حقيقية للتنمية.
لا توجد تعليقات في هذه الصفحة.. كن أنت أول المتفاعلين!