رفض الكرملين الخميس التهم الموجهة لموسكو بالوقوف وراء تسميم زعيم المعارضة أليكسي نافالني، في وقت تزايدت الدعوات لتحرّك دولي بعدما قالت ألمانيا إنه تعرّض للتسميم بمادة “نوفيتشوك”.
ويطالب القادة الغربيون موسكو بتوضيحات بعدما أعلنت برلين الأربعاء عن وجود “أدلة قاطعة” على أن معارض الكرملين البالغ 44 عاما تعرّض للتسميم بواسطة غاز الأعصاب.
بدوره، أفاد المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية فرناندو أرياس في بيان أنه “بموجب معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية، فإن تسميم أي شخص باستخدام غاز أعصاب يعد استخداما لأسلحة كيميائية. يعد أي اتهام من هذا القبيل مسألة مثيرة للقلق البالغ”.
وأضاف أن “استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل أي جهة في ظل أي ظروف… أمر مستهجن ويتعارض تماما مع المعايير القانونية التي وضعها المجتمع الدولي، معربا عن استعداد الهيئة الدولية لمساعدة أي بلد يطلب منها ذلك.
مَرِض نافالني، الذي يعد بين أشد منتقدي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عندما كان على متن رحلة جوية الشهر الماضي وخضع للعلاج في مستشفى في سيبيريا قبل إجلائه إلى برلين.
وأثار إعلان ألمانيا أنه تعرّض للتسمم بنوفيتشوك، المادة ذاتها التي استخدمت ضد العميل الروسي المزدوج سابقا سيرغي سكريبال وابنته في بلدة سالزبري الانكليزية قبل عامين، إدانات واسعة ودعوات لفتح تحقيق في الأمر.
وتنفي روسيا وجود أي أدلة على أن نافالني تعرّض للتسميم بينما قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف الخميس إن برلين لم تقدم أي إثباتات لموسكو.
وقال بيسكوف “ليس هناك أي مبرر لاتهام الدولة الروسية”، رافضا الحديث عن احتمال فرض عقوبات اقتصادية على موسكو وداعيا الغرب لتجنّب إطلاق “أحكام متسرّعة”.
وتسعى موسكو التي تعاني أساسا من عقوبات غربية واسعة النطاق فرضت على خلفية ضمها شبه جزيرة القرم وتداعيات تفشي كوفيد-19 وانخفاض أسعار النفط، لتجنّب أي ضغط إضافي على اقتصادها.
– “علاقات مسممة مع الغرب” –
وتسبب إعلان ألمانيا الأربعاء بانخفاض الروبل إلى أدنى مستوياته مقابل اليورو منذ 2016 بينما تراجع مؤشر “أر تي إس” في موسكو بأكثر من ثلاثة في المئة.
وقالت صحيفة “كوميرسانت” المتخصصة بالمال والأعمال إن “علاقات روسيا بالغرب تسممت مجددا بواسطة نوفيتشوك”، مضيفة أنه بات من الواضح أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يفكران جديا بفرض عقوبات جديدة.
وأضافت “السؤال الرئيسي هو، إلى أي مدى سيمضيان قدما بذلك”.
ومن شأن أي أزمة جديدة في العلاقات مع الغرب أن تهدد كذلك مشروع “نورد ستريم 2” لمد خط أنابيب غاز بكلفة عشرة مليارات يورو (11 مليار دولار) على وشك أن يتم استكماله في قاع بحر البلطيق والذي يتوقع أن يضاعف شحنات الغاز الطبيعي الروسية إلى ألمانيا.
وتأجّل المشروع لشهور بعدما تحرّكت واشنطن لفرض عقوبات جديدة على الشركات المنضوية في “نورد ستريم 2” على خلفية المخاوف حيال تزايد النفوذ الروسي.
وأعربت ألمانيا عن غضبها حيال الخطوات الأميركية معتبرة أن واشنطن تتدخل في شؤونها الداخلية.
لكن صحيفة “بيلد”، الأكبر في البلاد، دعت الخميس إلى تعليق المشروع، مشيرة إلى أنه “ما لم تتوقف الحكومة (الألمانية) عن أعمال بناء نورد ستريم 2، سينتهي بنا الأمر قريبا إلى تمويل هجمات نوفيتشوك التي يقوم بها بوتين”.
ورفض بيسكوف هذه الدعوات التي وصفها بأنها “تصريحات عاطفية” قائلا إن المشروع “يصب في مصلحة روسيا وألمانيا والقارة الأوروبية بأكملها”.
– “أسئلة جدية” –
وقالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إن النتائج التي تم التوصل إليها بشأن تسميم نافالني بنوفيتشوك تثير “أسئلة جدية للغاية بإمكان روسيا وحدها، بل ويتعين عليها، الإجابة عنها”.
بدوره، قال رئيس بيلاروس ألكساندر لوكاشنكو الخميس إن قوات الأمن في بلده اعترضت اتصالات ألمانية تكشف أنه تم تزييف عملية تسميم نافالني.
وقال لوكاشنكو لرئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين إن الاتصال الذي تم اعتراضه بين برلين ووارسو يكشف أنه تم “تزييف” الحادثة.
وأضاف لوكاشنكو، الذي يواجه ضغوطا من المتظاهرين الذين يطالبون باستقالته، خلال لقائه ميشوستين في مينسك “لم يتم تسميم نافالني. قاموا بالأمر على حد قولهم لثني بوتين عن التدخل في شؤون بيلاروس”.
ويذكر أن غاز نوفيتشوك سم طوّره السوفيات نهاية الحرب الباردة ويمكن استخدامه كمسحوق ناعم للغاية أو على شكل سائل أو بخار.
واستخدم ضد سكريبال في بريطانيا عام 2018، في إطار محاولة اغتيال تعتقد دول غربية أن الكرملين أمر بتنفيذها، وهو أمر تنفيه روسيا.
ومرض نافالني بعدما صعد على متن طائرة في سيبيريا الشهر الماضي، حيث أشار مقرّبون منه إلى اشتباههم بأنه تناول كوب شاي احتوى على مادة سامة في المطار.
وخضع للعلاج في البداية في مستشفى محلي، حيث قال الأطباء إنهم لم بعثروا على أي مواد سامة في دمه، قبل أن يُنقل إلى برلين للخضوع للعلاج في 22 غشت.
لا توجد تعليقات في هذه الصفحة.. كن أنت أول المتفاعلين!