سعيد بوزردة

عدد من قراء مقال "من يحمي "حليب جودة" من المقاطعة. ولماذا؟" ، تساءلوا عن الكيفية التي استنتجت بها أن جودة معتادة على تزويد سوق الاستهلاك المغربي بحليب مصنع، تحت اسم طري مبستر، وبأن المقال لم يتطرق لأي مدخل من مداخل الإثبات.

هذا المقال يستنبط  الدليل على أننا كنا نشرب حليب المواد الحافظة، ولا نتوقف عن شكر حليب جودة الخاتر.

غبرة الحليب في نظام إدارة الجمارك

 تحدد دورية إدارة  الجمارك بشأن كيفيات استيراد مواد الحليب ومشتقاته، وتجعل استيراد الحليب المجفف بغرض بيعه للمستهلك كحليب مصنع، أمرا محظورا، وأن استيراد الحليب الطري المبستر أمرا مقيدا، بتحديد قيمة الرسوم الجمركية في 100%، أما استيراد الحليب المجفف لتغطية الاحتياج من الحليب السائل فهو جريمة يعاقب عليها القانون.

ومعلوم أن رمز التعريف الجمركي للحليب هو 04.01  ورمز التعريف الجمركي للحليب المجفف (الغبرة ) هو 04.02

هناك استثناء لتيسير انخراط شركات الحليب في الصناعات المرتبطة بمشتقات الحليب والبيسكوي، وهذا الاستثناء يسمح للشركات أن تستورد هذه المادة في الحدود التي تمكنها من تغطية ذلك بتخفيظ الرسوم من 100 % إلى 50%  تحت رمز تعريف جمركي هو 04.02، و مع إدراج استثناءات الاستعمال الغير استهلاكي مباشرة كالاستعمال في الأجبان، و القشدة، وأنواع مشتقات الحليب المشروبة كداناب ورايبي،

وأن الاستعمالات الثانوية جدا في عمل شركات الحليب تستفيد من الإعفاء الجمركي تحت رمز تعريف جمركي هو 04.04.90، في حين يكون أقصى استثناء في الاستعمال معرفا جمركيا في 04.04.90.39.00، وهو الاستعمال الاستثنائي جدا، غير القابل كلية لأن يكون حليبا.

حليب جودة الخاتر المبستر !!!؟

في ضيعات العالم، شيئان لا يجتمعان إلا في حليب جودة  المغربي، وهما أن يكون الحليب مبسترا وفي نفس الوقت "خاترا".

ولا أحد أعطى لنفسه المساحة الحقيقية للتفكير، لماذا وكيف يجتمع المتناقضان في واحد؟

نعود لمادة "غبرة الحليب" المعرفة جمركيا بالرمز 04.04.90.39.00، المحظور شربها حليبا؛

بالإطلاع على سجلات إدارة الجمارك بالمغرب بخصوص وضعية استيراد شركات الحليب لمادة غبرة الحليب ذات الرمز الاستدلالي 04.04.90.39.00، سنقف على أن  الاستيراد خلال سنة 2017 بلغ 16.298.650 كيلو غراما، موزعا على 15 شركة تنتج مشتقات الحليب.

تقسيم حجم الاستيراد، لا يراعي  قدر إنتاج الحليب، وإنما حجم العلامات التي تنتجها الشركة فيما يخص القشدة والجبن (الفروماج) والعصائر الحليبية (دان آب و رايبي)، وبالتالي فحجم الاستيراد يجب أن يراعي حجم تغطية الشركة للسوق الوطنية مقسوم على منتوج الأجبان والعصائر.

طوال سنوات الانتاج قياسا عن سنة 2017 والربع الأول من سنة 2018، تعتبر شركة كوباك "جودة" المستورد رقم 1 في المغرب لمادة "الغبرة" ذات الرقم الاستدلالي 04.04.90.39.00،

فبمقارنة بسيطة بينها وبين شركة " أجبان بيل" المتخصصة في انتاج الأجبان التي من بينها "البقرة الضاحكمة" نجد أن جودة تستورد ضعف ما تستورده منتجة البقرة الضاحكة، ففي الوقت التي تستود شركة بيل ما بين 75ألف و190 ألف كيلو غرام شهريا، جودة مستقرة على استيراد 200 ألف كيلوغرام شهريا.

فإذا علمنا أن "جودة" لا تنتج الأجبان (أي انها لا تتوفر على علامة فروماج)، وأنها تنتج فقط  نوعا  من العصائر، نتساءل هل يعقل أن يغطي احتياج 20%  من السوق المغربي استيراد 200 ألف كيلوغرام من الغبرة شهريا؟

للجواب على هذا السؤال، سوف نضطر للمقارنة مع شركة سنطرال دانون، باعتبارها كانت خلال سنة 2017 و الربع الأول من سنة 2018 تغطي 60% من الاحتياج الوطني،أي ان العملية بسيطة جدا  جبنة سنطرال وعصائر سنطرال يجب أن تستهلك غبرة جودة مضروبة في  ثلاثة، لتغطية نسبة 60%.

سنطرال تستورد معدل 100 ألف كلغ شهريا من الغبرة، مقسمة على انتاج الأجبان (نوعين من الفروماج) وأيضا انتاج أنواع العصائر (مشروبات كثيرة ومتنوعة). ودون التدقيق في العدد  نستخلص:

• أن 50 ألف كلوغرام كافية شهريا لتغطية 60% من الاحتياج الوطني للعصائر الحليبية بجميع أنواعها عند سنطرال، وبمفهوم المخالفة، فإن شركة جودة تحتاج فقط ل 16.6ألف كيلو غرام من الغبرة لتغطية 20% المتبقية.

• جودة هي المستورد رقم 1 لغبرة الحليب بقدر هو 200 ألف كلغ شهريا، بينما هي تحتاج في أقصى الأحوال إلى 16.6 ألف كلغ لإنتاج عصائر الحليب، فأين تختفي 183.33 ألف كيلو غرام من غبرة الحليب المحظور شربها .....؟؟؟؟

ببساطة شديدة هذه 183.000 كيلو غرام من الغبرة المسرطنة (المواد الحافظة) هي من تجعل حليب جودة العظيم: مبسترا و خاترا.

أيها المواطن اشرب سرطان جودة الخاتر المبستر.