بعد انهيار الأسعار في 2018، عاد برميل النفط الخام للارتفاع منذ بداية السنة الجديدة فوق 60 دولارا لخام برنت، بسبب قرار خفض الإنتاج من قبل منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وحلفائها.
لكن صحيفة لوموند الفرنسية حذرت من أن هذا الصعود قد لا يصمد كثيرا، نتيجة خوف السعودية من فقدان حصصها في السوق، ورغبة الرئيس الأميركي في رؤية أسعار تدعم سباقه الانتخابي المقبل، بالإضافة إلى الزيادة المتوقعة في إنتاج النفط الصخري الأميركي.
تقول صحيفة إن الارتفاع "المذهل" بداية السنة الجديدة يعود إلى اتفاق الدول الأعضاء في منظمة أوبك وروسيا في دجنبر 2018 على خفض الإنتاج، بالإضافة إلى إعلان السعودية -أكبر مصدر للنفط في العالم- تخفيضات كبرى متوقعة لشهري يناير الحالي وفبراير المقبل.
وتضيف الصحيفة أن الأسعار اتخذت مسارا تصاعديا في غضون أيام قليلة، خاصة بعد القرار السعودي مواصلة خفض الإنتاج، ونقلت عن خبراء قولهم إن "هذا الإعلان يرسل إشارة بأن الأسوأ قادم".
وتشير الصحيفة إلى أن السعودية والشركات الكبيرة في قطاع النفط استفادت على نطاق واسع في 2018 من برميل ما بين 60 و80 دولارا، لكن ذلك أثار غضب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي صرخ في وجوه حلفائه السعوديين لتعديل الأسعار، التي انخفضت بالفعل إلى نحو 50 دولارا نهاية دجنبر المنصرم.
يشار إلى أن عقود خام القياس العالمي مزيج برنت هبطت الجمعة الماضي لتبلغ عند التسوية 60.5 دولارا للبرميل، وتراجعت عقود خام القياس الأميركي غرب تكساس لتسجل عند التسوية 51.59 دولارا للبرميل، لكن الخامين القياسيين كليهما سجل ثاني أسبوع من المكاسب.
عواقب اغتيال خاشقجي
في هذا الوقت كان السعوديون -كما تقول الصحيفة- يأملون بالفوز على جميع الجبهات، كالحفاظ على سعر مرتفع للنفط يسمح لولي العهد محمد بن سلمان بتمويل "إصلاحاته وحربه الدامية في اليمن"، ومشاهدة المنافس الإيراني يتورط في عواقب العقوبات الأميركية.
غير أن تسلسل الأحداث لم يتم كما هو مخطط له، إذ إن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في الثاني من أكتوبر 2018 وضع الرياض تحت ضغوط دبلوماسية مكثفة.
ومن أجل الاحتفاظ بدعم ترامب، أُجبر محمد بن سلمان على فتح الحنفيات، وبدأت المملكة تضخ النفط فأغرقت السوق بشكل لم يسبق له مثيل.
وفي الوقت نفسه قرر ترامب -وبشكل أدهش الجميع- ودون تحذير حلفائه السعوديين، منح إعفاءات مؤقتة لثمانية مشترين من إيرانيين من بينها أكبر مستوردين لنفطها الهند والصين، ونتيجة لذلك تم إغراق السوق فجأة بكمية كبيرة من النفط خاصة وأن المنتجين الأميركيين استمروا في حفر مزيد من الآبار، مما أدى إلى انهيار الأسعار، كما أوردت الصحيفة.
مخاوف
وأشارت الصحيفة إلى أن الالتزامات التي قطعت في دجنبر الماضي تحتاج ترجمتها إلى وقت، إذ إن "العديد من دول أوبك زادت الإنتاج قبل اجتماع فيينا.
وتساءلت الصحيفة إلى متى ستبقي التخفيضات في الإنتاج والالتزامات السعودية الجديدة الأسعار مرتفعة؟
وقالت إن الوضع لا يزال هشا، وإنه لن يجازف أحد بإجراء تنبؤات دقيقة لعام 2019، خاصة وأن التخفيضات السعودية لا يمكن أن تستمر إلى الأبد بسبب ما تسببه من فقدان حصة من السوق، وفق ما تنقله الصحيفة عن خبراء.
وترى أن هناك عاملين أميركيين لهما تأثير حاسم، الأول هو ترامب الذي سوف يعود قريبا إلى فترة انتخابية ولا رغبة لديه في رؤية سعر الوقود يعقد حملته المستقبلية، والثاني هو الإنتاج الأميركي نفسه الذي يضخ أكثر من المتوقع بوتيرة سريعة للغاية.
وأفادت الصحيفة بأن توقعات وكالة الطاقة الدولية تشير إلى أن نمو إنتاج النفط على مدى السنوات الخمس القادمة سيأتي بشكل رئيسي من الولايات المتحدة، حيث سيغرق النفط الأميركي السوق مرة أخرى، وقد تتأثر الأسعار، مما يعني أن الاضطراب في الأسعار لم ينته بعد.
لا توجد تعليقات في هذه الصفحة.. كن أنت أول المتفاعلين!